متابعات وأخبارslider

عيد بوريم في المغرب: احتفاء بالتراث اليهودي وتجسيد لقيم التعايش

يُعتبر عيد بوريم (أو “كوريم” أو عيد المساخر ) من الأعياد اليهودية المهمة، حيث يُحتفل به في الرابع عشر من شهر آذار العبري، الذي يتزامن عادة مع شهري فبراير أو مارس وفقًا للتقويم الميلادي. يستمد هذا العيد أهميته من تخليد نجاة الشعب اليهودي من مؤامرة هامان في بلاد فارس القديمة، كما ورد في سفر أستير، ويتميز بأجوائه الاحتفالية التي تجمع بين الطقوس الدينية والمظاهر الفلكلورية.

لطالما كان المغرب نموذجًا في التسامح والتعددية الثقافية، حيث عاشت الجالية اليهودية جنبًا إلى جنب مع المسلمين لقرون طويلة، مما جعل الاحتفالات اليهودية جزءًا من النسيج الاجتماعي للمملكة. وتحرص الجمعيات اليهودية المغربية على إحياء عيد بوريم من خلال تنظيم فعاليات ثقافية واجتماعية تُسلط الضوء على التراث اليهودي المغربي وتعزز قيم التعايش والانفتاح.

في هذا السياق، نظّمت جمعيتا “شراكة” و”مغرب التعايش”، وهما من أبرز الجمعيات غير الحكومية، أمسية ثقافية في الرباط ناقشت موضوع “العيش المشترك والمغرب المتعدد”. تضمنت الفعالية ندوات فكرية، عروضًا موسيقية، وفقرات فنية تحتفي بالإرث المشترك الذي يجمع بين اليهود والمسلمين في المغرب.

بالإضافة إلى عيد بوريم، يحتفل اليهود المغاربة بموسم الهيلولة، وهو مناسبة دينية واجتماعية تقام في الأضرحة اليهودية المنتشرة في المغرب، حيث يتجمع اليهود من مختلف أنحاء العالم لزيارة مزارات الحاخامات والأولياء اليهود، وأداء طقوسهم في أجواء يسودها التقارب والتآخي.

سبق أن أقام يهود أمازيغ احتفالات الهيلولة بلمسة مغربية أمازيغية وعربية، تعبيرًا عن التنوع الثقافي في المملكة. فاختلطت الأهازيج الأمازيغية مع الأناشيد الدينية اليهودية، مما يعكس التناغم العميق بين المكونات الثقافية للمجتمع المغربي.

تمثل هذه الفعاليات جزءًا من الجهود المستمرة لتعزيز التراث اليهودي المغربي والحفاظ على الهوية الثقافية المتنوعة التي تميز المملكة. فقد تبنّى المغرب سياسة الاعتراف الرسمي بالتعدد الثقافي والديني، حيث تم دمج المكون اليهودي في المناهج الدراسية، كما تم ترميم العديد من المعابد والمقابر اليهودية في مختلف المدن المغربية.

يُجسد عيد بوريم والهيلولة وغيرهما من الاحتفالات اليهودية في المغرب التعايش التاريخي بين المسلمين واليهود، ويؤكد على أن الهوية المغربية كانت ولا تزال فضاءً للتنوع والانفتاح، حيث يلتقي التاريخ بالدين والثقافة ليصنع لوحة فريدة من الانسجام والتسامح.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى