في حضرة الغائب الحاضر: الرباط تستعيد فكر عمران المالح

في أجواء من الوفاء والاعتراف، احتضنت مدينة الرباط، يوم الأحد، لقاءً أدبيًا خصص لتسليط الضوء على فكر والتزام الكاتب المغربي الراحل إدمون عمران المالح، وذلك ضمن فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب.
اللقاء، الذي جمع نخبة من المثقفين وعشاق الأدب، شكّل لحظة استذكار لمسار رجل جمع بين الكتابة والفلسفة والنضال الأخلاقي والهوية المغربية المتعددة. استُعرضت خلاله محطات أساسية من حياة الراحل، الذي ظل وفيًا لقضايا الإنسان، ومدافعًا صلبًا عن العدالة والكرامة والجمال في آنٍ واحد.
في مداخلتها، وصفت المخرجة والكاتبة سيمون بيتون، الكاتب الراحل بأنه “قدوة”، مشيرة إلى تأثيره العميق في مسارها المهني، وخاصة في تحقيق التوازن بين السياسي والشعري في أفلامها، التي تسعى من خلالها إلى إعطاء الكلمة لمن لا صوت لهم، على حد تعبيرها.
وأكدت بيتون أن عمران المالح كان رجلاً فضوليًا ومنفتحًا على الآخر، يعشق الحوار والسفر، ويغذي كتاباته بأسئلة عميقة عن الهوية والتعدد والانتماء، مخلصةً بالذكر التزامه الراسخ بالحفاظ على التراث المغربي اليهودي كجزء لا يتجزأ من النسيج الوطني.
من جانبه، أشاد الكاتب عبد الكريم جويطي بأسلوب عمران المالح المميز، مشيرًا إلى استخدامه المكثف للهجة الدارجة المغربية إلى جانب اللغة الفرنسية، ما أضفى على نصوصه طابعًا متفرّدًا. كما تحدث عن شغف المالح بالكلمة منذ الطفولة، وولعه بالمخيال الشعبي الذي غذّى كتاباته طوال حياته.
وتوّج اللقاء بعرض الفيلم الوثائقي “ألف يوم ويوم.. الحاج إدمون” من توقيع سيمون بيتون، والذي يُعيد رسم ملامح هذه الشخصية الفريدة التي جسّدت في آنٍ واحد دور المثقف الملتزم، والكاتب الإنساني، والحارس الهادئ لذاكرة المغرب المتعددة.
ولد إدمون عمران المالح في آسفي سنة 1917، من عائلة تنحدر من الصويرة، وتوفي بالرباط عام 2010. ترك وراءه إرثًا أدبيًا غنيًا، شمل أعمالًا مثل “المجرى الثابت“، “أيلان أو ليل الحكي“، “ألف عام بيوم واحد“، و*”عودة أبو الحكي”*، حيث جمع بين الفلسفة والسرد والهوية، وكتب بأسلوب لا يشبه أحدًا.