السكنفل: الملكية المغربية، امتداد لتاريخ مجيد وشرعية متجذرة
في محاضرة علمية نظمها المركز الأكاديمي للدراسات القانونية المعمقة المعاصرة يوم السبت 26 يوليوز 2025، شدد رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة، لحسن السكنفل، على أن الملكية المغربية لم تكتفِ بمجرد الاستمرارية، بل تركت بصمات واضحة وعميقة في التاريخ والجغرافيا المغربية. وأوضح أن عيد العرش يُعد لحظة رمزية متجددة لتأكيد البيعة والولاء لأمير المؤمنين، الملك محمد السادس.
وأكد السكنفل أن فهم خصوصية الملكية في المغرب يقتضي العودة إلى ثلاث ركائز أساسية، أولها: أن الملكية في المغرب تُعد امتدادًا “لمجد تليد وملك عظيم” بناه رجال دولة منذ مرحلة الإمارات في الشمال، مرورًا بـالدولة الإدريسية، حيث أسس “مولاي إدريس الأول” أول دولة إسلامية بالمغرب، وتبعه “مولاي إدريس الثاني” بتأسيس مدينة فاس كمركز علمي وثقافي رائد.
وتوالت بعد ذلك المراحل التاريخية التي عززت حضور المغرب كدولة قوية، من خلال الدولة المرابطية التي خلدت معركة الزلاقة، و”الدولة الموحدية التي شيّدت مدينة الرباط وسجلت نصرًا كبيرًا في معركة الأرك، ثم الدولة المرينية بإسهاماتها الحضارية والعلمية، تليها الدولة السعدية التي حققت النصر الكبير في معركة وادي المخازن.
وتوج هذا الامتداد التاريخي بالدولة العلوية الشريفة التي امتدت لأكثر من أربعة قرون، بدءًا من المولى محمد إلى الملك الحسن الثاني، الذي وضع أسس المغرب الحديث، وصولًا إلى العهد الراهن بقيادة الملك محمد السادس، الذي يواصل قيادة مشروع التحديث والاستقرار.
كما أبرز السكنفل أن أحد أهم خصائص الملكية المغربية هو ارتباطها بـأهل البيت النبوي الشريف، مشيرًا إلى أن مؤسس الدولة المغربية، مولاي إدريس الأول، ينتمي نسبًا إلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله ﷺ، من زوجها الإمام علي بن أبي طالب، وهو ما يضفي على الملكية المغربية “شرعية دينية وروحية وتاريخية”.
وأشار السكنفل إلى محاولات تشكيك في هذا النسب الشريف من بعض الجهات، معتبراً أن ذلك يستهدف ضرب أحد مقومات وحدة الأمة. وذكّر بلجوء المغاربة إلى أهل البيت في فترات الأزمات، كما حدث بعد سقوط الدولة السعدية، عندما جاء “مولاي محمد” من ينبع النخل ليعيد توحيد البلاد، في حدث مفصلي أنهى ما عُرف بفترة “السيبة”. حينها كتب الفقيه العلامة سيدي محمد الدرعي قصيدته المشهورة (الدعاء الناصري)، “تعبيرًا عن الحاجة المُلِحّة إلى الوحدة ولمّ الشمل”.
يـا مَــنْ إِلـَى رَحْـمـتِـهِ الْمـفَـرُّ وَمَـنْ إِلَـيْـهِ يَـلْجَـأُ المُضْطَرُّ
وَ يَـا قَـرِيـبَ الْعَـفْوِ يَـا مَـوْلاَهُ وَيَا مُغِـيـثَ كُـلِّ مَـنْ دَعَاهُ
بِـكَ اسْتَغَثْنَا يَامُغِيثَ الضُّعَفَا فَحَسْبُنَا يَـا رَبِّ أَنْتَ وَكَفَى
إلى أن يقول
وَاجْـعَــلْ لَّنَــا عَلَـى الْبُغَاةِ الْغَلَـبَة وَاقْصُرْ أَذَى الشَّرِّ عَلَى مَنْ طَلَبَه
ولفت السكنفل إلى أن العلامة محمد بن ناصر الدرعي، من خلال قصيدته الشهيرة، يصور بدقة الفتنة التي عاشها المغرب في تلك الفترة من تاريخه. وأوضح أن “الخروج من تلك الفتنة كان على يد مولاي محمد، حفيد الحسن الداخل”، الذي جاء به الحجاج المغاربة من منطقة ينبع النخل، القريبة من مدينة ينبع البحر قرب المدينة المنورة، إلى المغرب، في حدث مفصلي أعاد وحدة البلاد واستقرارها.
كما أشار إلى أهمية شخصية المولى إسماعيل الذي مثّل، حسب المحاضر، نموذجًا لرجل الدولة القوي، القادر على فرض النظام واستعادة هيبة الدولة، في زمن اتسم بالفوضى. وأضاف السكنفل: “قد يُوصَف المولى إسماعيل أحيانًا بالغلظة، لكنه كان الرجل المناسب في الزمن المناسب”.