ندوات ومحاضراتslider

عشاق: الفتوى والقضاء والتشريع “إخوة أشقاء” يجتمعون على أرضية الفقه

شهدت قاعة المؤتمرات بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط، صباح الأربعاء 15 أكتوبر 2025، تنظيم يوم دراسي تحت عنوان: «الفقه العملي بالمغرب: خصائصه ومجالاته – الفتوى، التشريع، القضاء»، بمشاركة نخبة من العلماء والأساتذة والباحثين المهتمين بالفقه المالكي ومجالاته التطبيقية.

وفي كلمته الافتتاحية، أكّد مدير المؤسسة، عبد الحميد عشاق، أن المذهب المالكي من أكثر المذاهب الفقهية عنايةً بالعمل وبعدًا عن الافتراض، مشيرًا إلى أن فقهاء المالكية امتازوا بقدرتهم على تنزيل الأحكام على الواقع، من خلال فقه النوازل والتوثيق والقضاء، تأصيلًا وتفريعًا وتنزيلًا. كما استحضر نموذج الإمام مالك، الذي كان يقول: «أوقعت هذه؟ فإن قيل لا، قال: دعها حتى تقع»، في إشارة إلى المنهج العملي الذي يربط الفقه بالواقع.
وأضاف الدكتور عشاق أن “الفقه المالكي تميز بجملة من القواعد الأصولية والفقهية” التي منحته مرونة وقدرة على مواكبة التطورات الزمنية والنوازل المتجددة، مع تحقيق المصالح ومراعاة المآلات، مما جعله صالحًا للتقنين والاجتهاد المعاصر.
واستعرض في هذا السياق ثلاث مراحل رئيسة لتطور الفقه المذهبي:

  1. مرحلة التدوين التي شهدت تحرير الأقوال وضبط الروايات والأصول والمعايير، واكتملت معالمها في القرن الرابع الهجري؛
  2. مرحلة التنزيل التي اهتمت بالنظر في النوازل والمستجدات، مع مراعاة الظروف والأعراف والملابسات؛
  3. مرحلة التقنين التي تهدف إلى صياغة الأحكام الفقهية في شكل مواد قانونية حديثة، لتيسير تطبيقها وربط التراث بالواقع.

ودعا مدير المؤسسة إلى الاستفادة من التجارب السابقة في التقنين، مستشهدًا بدعوات عدد من العلماء، من أبرزهم مصطفى أحمد الزرقا، إلى تقنين الفقه في إطار المذهب مع اعتماد المرونة والاستفادة من الآراء الراجحة في المذاهب الأخرى.
وأكد أن نجاح مشروع التقنين الفقهي يتوقف على دعامة مزدوجة:

  1. الفهم العميق لفلسفة الشريعة ومقاصدها وبنيتها الداخلية؛
  2. الإدراك الواعي للواقع القانوني والاجتماعي وتحليل ثقافته ومؤسساته.

كما شدّد على أهمية ثلاث آليات منهجية في هذا المشروع:

  • اعتماد القواعد الفقهية منطلقًا وأساسًا للتقنين؛
  • استحضار مقاصد الشريعة وإعادة صياغتها بلغة قانونية معاصرة؛
  • تفعيل الاجتهاد الجماعي المؤسسي، مستلهمًا تجربة المغرب والأندلس في نظام «مجالس شورى الأحكام».
    وختم عشاق كلمته بالتأكيد على أن “الفتوى والقضاء والتشريع «إخوة أشقاء» يجتمعون على أرضية واحدة هي الفقه، بقواعده وروحه واجتهاداته، داعيًا إلى تعزيز التكامل بين هذه المجالات لخدمة الأمة وتطوير المنظومة التشريعية والفقهية المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى