إنجاز طبي غير مسبوق: المغرب يحقق قفزة نوعية في علاج أمراض القلب بجراحة ثورية

دخل المغرب مرحلة جديدة في مجال جراحة القلب، بعد نجاح فريق طبي-جراحي بالمستشفى العسكري محمد الخامس بالرباط، في إجراء أول عملية زرع جهاز مساعد للقلب والشرايين طويل الأمد، لمريض يبلغ من العمر 39 عامًا كان يعاني من قصور عضلة القلب المزمن في مرحلة نهائية.
تعتمد هذه العملية على تقنية “جهاز مساعدة البطين الأيسر” (Left Ventricular Assist Device)، التي تعد بديلًا متطورًا لزرع القلب، خاصة في ظل محدودية الأعضاء المتاحة عالميًا. يتم خلال الجراحة تثبيت مضخة ميكانيكية في البطين الأيسر لسحب الدم وضخه في الصمام الأبهري، مما يساعد على تحسين الدورة الدموية. تعمل هذه المضخة عبر وحدة تحكم خارجية مزودة ببطاريتين قابلتين لإعادة الشحن، مما يسمح للمريض بممارسة حياته بشكل طبيعي بعد العملية.
كان المريض المعني يعاني من تدهور كبير في حالته الصحية، إذ لم يكن قادرًا على أداء مهامه اليومية، وكان بحاجة إلى علاجات مكثفة ومتكررة. إلا أن نجاح العملية أدى إلى تعافيه بالكامل بعد شهر واحد فقط، وهو الآن يخضع لبرنامج إعادة تأهيل يهدف إلى تعزيز تحسنه الجسدي والصحي.
تم إجراء هذه العملية المعقدة من قبل فريق طبي متعدد التخصصات في مركز طب القلب بالمستشفى العسكري، الذي دشنه جلالة الملك محمد السادس سنة 2017. وأكد الطبيب العقيد يونس متقي الله، رئيس مصلحة جراحة القلب والشرايين، أن هذا الإنجاز ينسجم مع الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، الذي يحرص على توفير أفضل العلاجات للمواطنين المغاربة عبر الاستفادة من أحدث التقنيات الطبية.
من جهته، أوضح الطبيب العقيد محمد دريسي، رئيس مصلحة الإنعاش القلبي الرئوي، أن هذه الجراحة تتطلب عناية دقيقة قبل وأثناء وبعد العملية، إذ تستغرق نحو أربع ساعات وتتطلب تخديرًا عميقًا عالي الخطورة، مما يستوجب مراقبة مكثفة لضمان استقرار حالة المريض.
أما الطبيبة المقدم نجاة معين، رئيسة مصلحة أمراض القلب السريرية، فقد أشارت إلى أن جهاز مساعدة البطين الأيسر يمنح المرضى فرصة لاستعادة جودة حياتهم عبر تحسين وظيفة القلب. لكنه يتطلب معايير دقيقة لتأهيل المريض، تشمل:
- تقييم أداء البطين الأيمن والصمام الأبهري قبل الجراحة.
- إجراء فحوصات دقيقة تشمل تخطيط صدى القلب وقسطرة قلبية.
- برنامج متابعة طبي صارم يشمل جلسات إعادة التأهيل القلبي( 3 إلى 4 مرات أسبوعيًا) إلى جانب تناول مضادات التخثر والعناية المستمرة بمكان خروج الجهاز لتفادي العدوى.
بفضل هذا النجاح، أصبح المغرب ضمن قائمة الدول القليلة عالميًا التي تمتلك الخبرات اللازمة لإجراء هذا النوع من العمليات وفق أعلى المعايير الطبية. وأعرب المريض محمد زوركان عن سعادته باستعادة حياته الطبيعية، بعدما كان يعاني من الإرهاق المزمن وضيق التنفس والخفقان عند أدنى مجهود. كما عبر عن امتنانه لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والفريق الطبي على الجهود التي بذلوها لإنقاذ حياته.
يمثل هذا الإنجاز نقطة تحول في علاج مرضى قصور القلب المتقدم في المغرب، ويفتح المجال أمام توفير هذه التقنية لعدد أكبر من المرضى، مما يعزز مكانة المملكة في مجال الابتكار الطبي وعلاج أمراض القلب.