تراثنا

العلماء والعالمات: المهام والرسالة

يضطلع العلماء والعالمات بدور عظيم في صلاح الأمة وإرشاد الناس إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويمكن أن نجمل رسالتهم النبيلة التي يحملونها فيما يلي:

العلماء والقيام بحق البلاغ لإقامة الحجة، ودفع الغفلة
وهو رأس مهام العلماء الذين استودع الله عندهم وحيه؛ لأن التبليغ عن الله تعالى، والتفهيم عن رسوله صلى الله عليه وسلم، لمن أهم الوظائف الشرعية التي يتولاها القائلون في الدين، وأجَلِّ المناصب الدينية التي يشرف بها الموقعون عن رب العالمين.

النهوض بواجب خدمة اجتماع الأمة والنصح لها
وذلك بأن يكون ناظرا بعين مصلحة أمته، موقرا لأصول الاجتماع، التي اختارها أهل بلده عن علم، وأوقعوا عليها الإجماع عن فهم، صادرا عنها في التعليم والتدريس والتأليف والحجاج، خادما لها دهره كله، فيما نيط به من مهام، مستشعرا في الأحوال ضرورتها للإبقاء على فضيلة الائتلاف المحقق للأمن الذي ينفي مقولات النوابت المغامرين.

العلماء وتعليم الدين
يهتم العلماء بتعليم الدين على مستويين، مستوى إرشاد الناس إلى الضروري من علوم الدين، ولا سيما فيما يتعلق بالإيمان والأركان وأساسيات المكارم والأخلاق. ومحل هذا التعليم في المدارس وفي حلقات الإرشاد بالمساجد ومن خلال وسائل الإعلام. أما المستوى الثاني فيتعلق بالدراسات المتخصصة وتكوين العلماء والقيمين الدينيين، ويتم في معاهد التعليم الديني والجامعات.

ففي المستوى الأول يقدر العلماء كل الجهود المبذولة التي تضمن الحد الأدنى من المعرفة الدينية الضرورية لجميع أبناء المسلمين، وجودة الوسائل المحققة لهذه الغاية تحت مفاهيم مقاصدية تؤكد على المعنى الذي يخاطب الضمير الحديث، ويحتاج الناس إلى توظيفه في حياتهم وفي التعامل مع الغير على أساس قيم الدين، ويُفَوت الفرصة في نفس الوقت على الذين يركبون النصوص لبث فهومهم الضيقة.

وفي المستوى الثاني يرى العلماء ضرورة اضطلاع الجامعات ومعاهد التعليم الديني بدورها في خدمة ثوابت الأمة وإحياء تراثها ومراعاة خصوصياتها واختياراتها المتوارثة.

إحياء ما اندرس من الشريعة
وذلك بالذب عن الشريعة، وإحياءِ ما اندرس من معالمها الاعتقادية أو التزكوية أو العلمية: عبادة ومعاملة؛ فرضا أو سنة أو عرفا حسنا ارتضته النفوس وحصل به الاجتماع، والربط بين مبادئ الشريعة ومقاصدها وقواعدها وبين مستجدات الواقع المعيش.

التزام الاستقلالية المتبصرة
بأن تكون همة العالم عالية في إنفاق علمه في سبيل خدمة وحدة الصف، واجتماع الكلمة، والذود عن ثوابث الأمة، واستقلال الوطن وسلامته دون أن ينحاز بعلمه إلى فئة خاصة، أو ينتصر لفريق على حساب فريق آخر، بعيدا كل البعد عن التجاذبات السياسية التي تحكمها الاجتهادات الجزئية، صارفا نظره عنها إلى السياسة الكبرى الجامعة في يقينٍ من مكانته وسياقه وتاريخه، قائما بواجب البلاغ الذي لا يستثني أحدا كيفما كان اختياره، محافظا على وحدة صف العلماء الذين بتفرقهم تتفرق الأمة، متحررا من الدعوة للذات والجماعات الخاصة، وحمل الشعارات والدعوات المنازعة.

من كتاب: سبيل العلماء، منشورات المجلس العلمي الأعلى، المملكة المغربية، 2016

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى