دراساتslider

علماؤنا والتبادل الفكري بين المغرب والمشرق -2

ومن المغاربة الذين استوطنوا بلد الخليل الشيخ زين الدين عبد الكريم بن علي بن عبد الرحمن المقدسي المتوفى عام 895هـ (الأنس ج2 ص549)وابن جبارة الشاعر وعبد الله السكري وخليفة الجابري(ص583) وإبراهيم بن منصور التلمساني(585) ومحمد بن علي الفلاح نائب قاضي القدس وأحمد بن عبد الرحمن التلمساني الحريري قاضي المالكية بالقدس(586) وقاضي القضاة محمد بن سعيد المغراوي وأحمد الرياحي (587) وابن المغربي ومحمد المصطاوي وشهاب الدين المغربي قاضي الجماعة بالمغرب (ص642) وعلي الجزولي نائب إمام المالكية في المسجد الأقصى وكان يؤم بجامع المغاربة(ص691).
وعلي بن حنين الذي استوطن فاسا عام 503 ودرس بها ستا وستين سنة وتتلمذ للغزالي في الشرق (السلوة ج ص349)وقا عاش عبد الواحد المراكشي صاحب المعجب في تلخيص أخبار المغرب بالشرق حيث ألف كتابه المذكور وأقام بمصر عام 619 هـ (المعجب 161) كما رحل إلى بغداد العالم الكبير أبو عمران الفاسي المتوفى عام 430هـ (التشوف للتادلي ص35 مخطوط المكتبة الزبيدية بالرباط) وإلى الشام أبو محمد صالح ابن حرزهم تلميذ الغزالي (التشوف ص 38) وأبو موسى عيسى ابن سليمان الرفروفي من تادلا أخذ عن الشاشي وعن الطرطوشي بالإسكندرية(ص 46).
وذكر ابن عبد الملك في الذيل والتكملة ابن جعفون الازدي المتوفى بفاس عام 580هـ وعبد الملك بن محمد ابن مروان بن زهر الذي أقام في الشرق طويلا وجلب دواوين من فنون العلم، وعلي المحاربي وابن حنين الفاسي صاحب الغزالي جال في العراق والحجاز ومصر، وعلي الشلطيشي الطبيب دفين مراكش وعلي بن عتيق الطبيب الذي ضمن شيوخه المشارقة برنامجه الذي خرج به عن حد الفهارس إلى كتب الأمالي المفيدة.
وأبو زكرياء يحيى الدكالي الحافظ قدم فاسا وسبتة صحب ابن دقيق العيد كثيرا(الدرة ص 489)
ومفضل العذري الذي ولاه أبو يوسف بن عبد الحق قضاء الجماعة بفاس وجعل له النظر على صاحبي الشرطة والحسبة ، تتلمذ لعز الدين ابن عبد السلام وبن عساكر وابن خلكان وهو أول من سن بناء المدارس بفاس إذ على يديه أسست المدرسة القديمة بالحلفاويين بفاس (جذوة الاقتباس لابن القاضي ص 220).
وأبو عمر ميمون بن ياسين اللمتوني سمع على الطبري صحيح مسلم ، ومروان بن عبد الملك الطنجي اللواتي الذي سمع بمصر من ابن نفيس وابن منير (الذيل والتكملة).
ومحمد بن عمر بن نصر الفزاري السلاوي قدم الأندلس ورحل إلى الشرق وروى عن أعلامه سنة 630 هـ (الذيل والتكملة).
وابن الحداد محمد الصنهاجي الشاعر المحدث الصوفي المكناسي انتقل للمشرق لأمر قام عليه فيه الطلبة بخطبة قال فيها بأن الله خلق ءادم على صورته (درة الحجال ص 208).
ومحمد ابن الخضارالكتامي التلمساني السبتي سمع علوم الحديث لابن الصلاح عليه بدمشق عام 634(درة الحجال ص 282).
والحافظ يوسف بن موسى السبتي ثم الفاسي روى البخاري عن الزبيدي والحديث عن ابن الفلاح توفي ءاخر المائة السابعة (الدرة ص 496).
وابن المواق أحمد التجيبي استظهر بمصر الموطأ فضرب شيوخ المالكية الطبول على رأسه إشادة وتنويها توفي بفاس عام 725هـ (السلوة ج3 ص244).
والشيخ التاودي بن سودة الفاسي الذي قال هنه الشيخ مرتضى الزبيدي في شرحه للقاموس (مادة سود) «شيخنا المحدث الفقيه المغربي ورد علينا حاجا وسمعنا منه أيضا بالمدينة المنورة ومصر خلق كثير» (السلوة ج1 ص 114).
وابن زكري الفاسي دخل لمصر وناقش فقهاءها في مسألة شرب الدخان وعقد علماؤها مجلسا لمناظرته في جامع الأزهر(السلوة ج1 ص 83).
واثير الدين أبو حيان البربري النفزي المتوفى بمصر عام 745هـ (السلوة ج3ص )278.
ومحمد بن سعيد الرعيني الفاسي المسند رحل إلى المشرق وأخذ عن أعلام مشارقة توفي عام 787هـ (السلوة 3 ص 278).
ومن الحفاظ عبد الرحمن سقين الذي ارتحل إلى المشرق عام 909 هـ وأخذ الحديث عن القلقشندي وزكرياء الأنصاري والسخاوي بمصر وعن فهد بمكة وكلهم عن ابن حجر (السلوة ج2 ص 160).
وكذلك الكمال ابن أبي البركات المكناسي الذي روى عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني وكان لإدريس العراقي فضل على محدثي مصر حيث استدرك أحاديث كثيرة على الجامع الكبير للسيوطي تنيف على الخمسة ءالاف وكان سيدي عمر الفاسي يقول أنه احفظ من ابن حجر (السلوة ج1 ص 142).
ومحمد بن عبد الله الزقاق الفاسي أخذ بمصر عن ناصر الدين اللقاني توفي عام 968هـ (السلوة ج3 ص 282).
والسفير محمد بن محمد الجزولي الدرعي أخذ في مصر عن نجم الدين الغيطي ومحمد بن أبي بكر العلقمي وعن أبي فهد بمكة توفي بفاس عام 988(284).
ومحمد بن علي الدادسي ليس من أهل العلم ولكن له سند صحيح أخذ عن الصفوي المقدسي عن زكرياء عن أبي حجر وعن زين الدين المرصفي عن أبي حجر وعن موسى النشائي عن يوسف الشريف عن الجلال السيوطي توفي عام 999 هـ ( درة الحجال ص 226).
وأحمد بن محمد بناصر الدرعي قرأ في مصر على أبي الحسن الزعتري رسالة ابي الفتح في العمل بنصف الدائرة ورسالة في علم الإسطرلاب ورسالة في علم كرة العالم توفي عام 1129هـ (الأعلام ج2 ص 161).
والعالم محمد المجيدري اليعقوبي قيل أنه أخذ أربعة لم يبلغ في عصره(عصر سيدي محمد بن عبد الله) مبلغهم وقد رحل إلى الشرق وأكرمه أمير مصر (الأعلام ج5 ص88) وقد خلف لنا كثير من هؤلاء العلماء ومن بينهم العياشي صاحب الرحلة مصنفات قيمة ضمنوها مشيختهم في الشرق الإسلامي وللتبادل الثقافي مع المغرب وقد صنف حازم المقصورة وشيخ ابن رشيد السبتي «الدرة المضية في تاريخ الإسكندرية في مجلدات» والمستفاد من شيوخ بغداد( درة الحجال ص 173).
والملحوظ هو أن معظم العلماء المغاربة الراحلين إلى الشرق من مراكش أو فاس، وهذا يدلنا على أن فاس كانت حقا «حاضرة المغرب» اجتمع فيها علم القيروان وقرطبة حيث رحل من كلتيهما العلماء، فنزل أكثرهم مدينة فاس ( المعجب ص 220) وقد انتقد أحمد القباب الفاسي علماء إفريقية مثل ابن عرفة فرجع إليه(نيل الابتهاج ص 53) وابن عرفة هذا تلميذ لابن شارة الزموري( ص 329).
ولا بدع فقد ذكروا أن عبد الرحمن بن عفان الجزولي المتوفي عام 741 كان يحضر مجلسه أكثر من ألف فقيه معظم يستظهر المدونة (الجذوة لابن القاضي ص 258) وكان في مجلس عبد المومن الجاناتي بفاس 400 من حفاظ المدونة( ص 274).
وقد تعرض المقري لوجود المصنفات المغربية والأندلسية في الشرق فلاحظ أن «أكثرها في المشرق كعنقاء مغرب» (النفح ج 1 ص 40)
وكان الحكم المستنصر الأموي يبعث في شراء الكتب إلى الأقطار رجالا من التجار بالأموال الطائلة حتى جلب منها إلى الأندلس ما لم يعهدوه وجلب كتاب الأغاني من مؤلفه قبل أن يصدر في العراق وكذلك فعل مع القاضي أبي بكر الأبهري في شرحه لمختصر ابن عبد الحكم وقد بيعت أو نهبت عند حصار البربر( النفح عن ابن خلدون ج1 ص 182) وحدث ابن حزم أن عدة فهارس خزانة المستنصر أربع وأربعون في كل فهرسة عشرون ورقة بأسماء الدواوين فقط وكان في الخزانة المستنصرية أربعمائة ألف مجلد(ص 186).
ورغم ما ذكره المقري من أهل الأندلس السبق على أهل المشرق في ميدان العلوم (النفح ج1 ص 58).
فقد لاحظ ابن بسام في الذخيرة أنهم« أبوا ألا متابعة أهل المشرق يرجعون إلى أخبارهم المعادة رجوع الحديث إلى قتادة حتى لو تعلق بتلك الأفاق غراب ، أوطن بأقصى الشام والعراق ذباب لحنوا على هذا صنما وتلوا ذلك كتابا محكما. وأخبارهم الباهرة.
وأشعارهم السائرة مرمى القصية ومناخ المزية لا يعمر بها جنان ولا خلد، ولا يصرف فيها لسان ولا يد (عن النفح ج 1 ص 581).
وقد أشار المقري إلى بعض خواص علماء الأندلس – وهي منطبقة على علماء المغرب أيضا – فلاحظ أنهم يعتنون بالحديث والفقه ويحفظ خواصهم- وإن كانوا مالكين – من سائر المذاهب ما يباحثون به بمحاضر ملوكهم ذوي الهمم في العلوم ، وسمة الفقيه عندهم جليلة سموه الأمير الأعظم تنويها له بالفقيه وهي بالمغرب بمنزلة القاضي بالمشرق وإن كانت تطلق على الكاتب والنحوي وهم متوسطون في الأصول أما في النحو فإنهم في نهاية من الخليل وسيبويه مع أن كلامهم منحرف عن أوضاع العربية ومن أعرب استثقلوه في غير المخاطبات(النفح ج 1 ص 104).
ولاحظ المقري كذلك أن « لأهل الأندلس غرائب لم يعرفها كثير من المحدثين حتى أن في شفاء عياض أحاديث لم يعرف أهل المشرق النقاد مخرجها» (النفح ج1ص332).
والملحوظ أن التجانس كان أوثق بين أهل الشام وأهل المغرب فالفاتحون للأندلس هم أهل الشام وغالب أهل الأندلس من عرب الشام الذين اتخذوا بالأندلس وطنا مستأنفا وحضرة جديدة وقد نزل أهل دمشق بعرناطة وسموها باسمها (النفح ج 1ص 62) بينما سميت تدمير بمصر لشبه مادي بينهما حيث يسيح بأرضها نهر في وقت مخصوص من السنة ثم ينضب عنها فتزرع كما تزرع أرض مصر (ص 80) ولا يجهل أحد حملات العبدري وابن جبير وحتى ابن سعيد على أهل مصر ولعل الوحشية التي لوحظت بين المغاربة و المصريين في بعض العصور ترجع لسوء المسؤولين للمهاجرين والحجاج المغاربة فقد ذكر ابن سعيد أن المصريين يتعرضون لفقراء المغاربة بالقبض للأسطول وأن ذلك وقف عليهم لمعرفتهم بمعاناة الحرب والبحر وقد عم ذلك من يعرف معاناة البحر منهم ومن لا يعرف وهم في القدوم عليها بين حالين إن كان المغربي عنيا طولب بالزكاة وضيق عليه وإن كان مجردا فقيرا حمل إلى السجن حتى يحين وقت الأسطول. (النفح ج1 ص 498).
وقد رأينا ابن سعيد يبكي المغرب وهو في مصر قائلا:
هذه مصر فأين المغرب مذ نأى عني فعيني تسكب
في حين يلاحظ ارتياح كثير من علماء المغرب الراحلين للشرق إلى الشام بصورة خاصة.
وقد قال المقري (النفح 12ص34):
محاسن الشام أجلي
من أن تحاط بحد
لولا حمى الشرع قلنا
ولم نقف عند حد
كأنها معجزات
مقرونة بالتحدي
ولعل الاحتكاك الواقع في الحدود بين مصر ومغرب الموحدين كان له أثره بالإضافة إلى شراسة رجال الجمارك وقد سرى هذا الشعور في الحاشية بالبلاط المغربي حتى رأينا أبا العباس بن عبد السلام يخاطب أبا يعقوب:
ستملك أرض مصر والعراقا
وتجري نحوك الأمم استباقا
(البيان المغرب ج 4 ص 49).
وخاطب أبو العباس الجراوي يعقوب بقوله:
سينظم السعد مصرا في ممالكه حتى يدوح منها خيلة حلبا إلى العراق إلى أقصى الحجاز إلى أقصى خرسان يتلو جيشه الرعبا.
ونظرا لطابع الاستمرار الذي يتسم به تاريخ المغرب ولخضوع الأندلس وإفريقية وحتى طرابلس لملوكه أتيح لبلادنا أن تكون صلة وصل قارة بين الشرق والغرب ولا بدع في ذلك فالمغرب جناح أيمن للأندلس كما وصفه علي بن يوسف اللمتوني ( النفح ج1 ص 90) كما أنه جناح أيسر للشرق العربي فاكتمل فيه الجناحان ولعل الراحلين إلى المشرق من المغرب كانوا أوفر نظرا لاستمرار الوجود المغربي منذ أزيد من ألف عام وإن كان من الصعب الموازاة لأن « حصر الارتحال لا يمكن بوجه ولا بحال» (النفح ج1 ص 331) فالمقري نفسه لم يزد في إحصائه لعدد الأندلسيين الراحلين إلى المشرق على ثلاثمائة وأربعة لرجال( راجع الجزئين الأول والثاني من ص 331لإلى ص 687) بينما ترجم لواحد وسبعين من المشارقة القادمين إلى الأندلس ( ج2 من ص691 إلى ص 762) فهؤلاء المشارقة « قوم كثيرون لا تحصر الأعيان منهم فضلا عن غيرهم ومنهم من اتخذها(أرض الأندلس)وطنا .. ومنهم من عاد إلى المشرق (ص691) هذا بينما نلاحظ أن المشارقة الوافدين على المغرب كانوا قليلين جدا نسبيا منهم علاوة على من ذكرنا جملة أشار إليها المقري منهم الرحالة الشيخ نجم الدين بن مهذب الدين البغدادي وصل إلى سلا ومراكش( ص 760).
والمحدث الرحالة إبراهيم بن خلف بن منصور الغساني السنهوري المصري من شيوخ ابن القطان قدم مراكش(ص 751).
والأمير شعبان بن كوحيا من غز الموصل وفد على يعقوب المنصور فقدمه على أمارة بسطة من الأندلس (ص 755).
وهبة الله بن الحسين المصري الأصولي المحدث الذي قدم الأندلس خوفا من صلاح الدين الأيوبي في قوم من شيعة العبيدي ملك مصر ووفد معه أبو الوفاء المصري واستصحبه أميرالمومنين يعقوب المنصور معه في غزوة قفصة الثانية وولاه قضاء تونس وكان قد ولى قضاء فاس توفي وهو متولي قضاء تونس عام 586هـ (ص722).
ولدى حديثه عن تاج الدين بن حموية السرخسي المولود عام 573 أكد أن له رحلة فيها عجائب شاهدها بالمغرب ولقي بمراكش أبا العباس السبتي كما ذكر في رحلته أنه شامي له خؤولة في المغرب دخل مراكش أيام يعقوب المنصور فاتصل بخدمته وشرح أحوال سيرته وما جرى في أيام دولته في تاريخه المسمى «عطف الليل» وذكر جملة من علماء الأندلس والمغرب لقيهم في هذه الرحلة توفي بدمشق(ص 737).
ومن جملة الأندلسيين الذين ذكرهم المقري فيمن ارتحل إلى الشرق:
يحيى الغزال شاعر الأندلس وسفير عبد الرحمن ابن الحكم إلى الروم أقذع في هجاء على بن نافع المعروف بابن زرياب فنفاه الأمير ودخل العراق توفي في حدود 250هـ (ص 452).
وأبو الصلت أمية بن عبد العزيز الإشبيلي الذي أقام عشرين سنة في مصر محبوسا في خزانة الكتب بعد ما وجهه صاحب المهدية إلى ملك الكنانة فخرج في فنون العلم أماما لا سيما في الفلسفة والطب وكان يكني بالأديب الحكيم وهو الذي لحن الأغاني الأفريقية وإليه تنسب حسب ابن سعيد وله كتاب الحديقة على أسلوب يتيمة الثعالبي(ص 378).
والحافظ الحميدي تلميذ ابن حزم والذي ألف كتابه «جذوة المقتبس في أخبار علماء الأندلس» ببغداد(ص 381).
وابن البيطار النباتي الطبيب الذي خدم الكامل ابن العادل فعينه رئيسا على سائر العشابين في الديار المصرية(ص 683).
واليسع بن عيسى صاحب «المغرب في محاسن أهل المغرب» جمعه للسلطان صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد أن رحل إليها عام 560هـ وبها توفي عام 575هـ (ص 514).
والإمام الشاطبي المقري الحافظ الذي كان يقول عند دخوله إلى مصر أنه يحفظ وقر بعير من العلوم وكان أستاذ بالمدرسة الفاضلية بالقاهرة وقد ملا الشام والعراق بأوابده (ص 340).
ومحمد بن لب الذي تولى مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة بعد وفاة ابن سهل القصري سنة 642هـ وبقي بها إلى أن توفي بالقاهرة عام 663هـ (ص 358)
وأبو حيان الذي قال ابن مرزوق في حقه شيخ النحاة بالديار المصرية وشيخ المحدثين بالمدرسة المنصورية وذكر الصفدي في أعيان العصر أنه أمير المومنين في النحو (النفح ج1ص 599) وسبب ارتحاله إلى المشرق الرد على أستاذه أبي جعفر الطباع وتكذيب روايته في كتابه« الإلماع في إفساد إجازة الطباع» فرفع هذا أمره للسلطان فنفذ الأمر بتنكيله فاختفى ثم أجاز البحر إلى الشرق (النفح عن ابن الخطيب ص 625).
وعلي بن موسى بن سعيد متمم كتاب «المغرب في أخبار المغرب» رحل إلى الموصل وبغداد وحضر مجلس خلوة السلطان المعظم بدمشق وكان ارتحاله لبغداد عقب 648هـ ثم عاد إلى المغرب وصنف«النفحة المسكية في الرحلة المكية»« واختبر في رحلته الفضلاء من البحر المحيط إلى القاهرة وقد ولى للموحدين بمراكش وسلا (ص 453هـ إلى 492).
وأبو مروان عبد الملك بن وهر الذي تولى رياسة الطب ببغداد ومصر والقيروان (النفح ج1ص445) والطبيب عبد الله المالقي رئيس العشابين بالديار المصرية (ص683) وأبو الحكم عبيد الله الباهلي طبيب السلطان السلجوقي محمود بن شاه في مارستان المعسكر (ص655) وحكيم الزمان الطبيب الماهخر محمد الغساني الذي اعتنى به صلاح الدين الأيوبي ومحمد بن عبدون القرطبي رئيس مارستان مصر (ص444) وغيرهم.
والمقري نفسه هو أحمد بن محمد التلمساني نزيل «فاس الباهرة ثم مصر القاهرة(النفح ج1ص 8) رحل إلى الشرق عام 1027 هـ وزار الحجاز وبيت المقدس والشام ودرس بالأزهر(ص33) وقد ألف كتابه النفح بعد رجوعه من دمشق إلى القاهرة استجابة لرغبة المولى أحمد الشاهيني رغم « عدم تيسر الكتب المستعان بها على هذا المرام»(ص 39-40).
أما المشارقة الوافدين على الأندلس فقليل منهم من هاجر للعلم في اللائحة التي رسمها المقري أمثال أبي علي القالي وصاعد بن الحسين البغدادي ومحمد بن موسى الرازي وزرياب المغني.
وهكذا ترى أن رسل الفكر بين المغرب والشرق كانوا أهم عنصر في ترصيص الوصلة الروحية بين جناحي العروبة والإسلام : المغرب والشرق.

عبد العزيز بنعبد الله

المصدر: مجلة دعوة الحق، العدد 36 ، سنة 1960

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى