السكوري يعرض في جنيف الإصلاحات الاجتماعية بالمغرب ويؤكد التزام المملكة بالتعاون الدولي

في لقاءات متعددة عقدها بمدينة جنيف، سلّط وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، الضوء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال الإصلاحات الاجتماعية والتشريعية، خاصة بعد اعتماد قانون الإضراب، وتعزيز الشراكات مع منظمات دولية مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة التجارة العالمية.
وأكد السكوري، خلال مداخلته بمناسبة مناقشة مستقبل التشغيل والعلاقات المهنية، أن مصادقة غرفتي البرلمان على قانون الإضراب وإقراره من قبل المحكمة الدستورية في مارس الماضي، يُعد خطوة محورية بعد 63 سنة من الانتظار. واعتبر أن هذا المكسب التشريعي الجديد ينظم العلاقة بين الأجراء والمشغلين، ويوفر الحد الأدنى من الخدمة، مما يعكس نضج التجربة المغربية في الموازنة بين الحقوق الاجتماعية والمصلحة الاقتصادية.
وفي السياق ذاته، أشاد المدير العام لمنظمة العمل الدولية، جيلبرت هونغبو، بهذا الإنجاز، واصفًا إياه بـ”النبأ السار جدًا”، لما له من أهمية في تثبيت مقومات العدالة الاجتماعية داخل النموذج التنموي للمملكة. كما ثمّن الحوار الاجتماعي الذي رافق إعداد هذا القانون، معتبرا أنه يشكل ضمانة لاستدامة السياسات العمومية.
من جهة أخرى، عقد الوزير السكوري لقاءً مع المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، حيث تم بحث آفاق التعاون حول الاستثمار والتشغيل في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية. وشدد الطرفان على أهمية ربط السياسات التجارية بسياسات التشغيل، خاصة في ظل التحديات التي تواجه البلدان النامية.
وخلال هذا اللقاء، أبرز السكوري أهم الإصلاحات التي أطلقها المغرب لتعزيز جاذبيته الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، مؤكدا أن المملكة تظل شريكًا فاعلًا ومؤسسًا في النظام التجاري المتعدد الأطراف، ومتمسكة بدورها كصوت إفريقي طموح ومسؤول في الساحة الدولية، انسجامًا مع توجيهات الملك محمد السادس.
إيويالا بدورها، نوهت بالتقدم الاقتصادي الذي أحرزته المملكة، مؤكدة أن هذا التقدم لا يخدم المغرب فقط، بل يمثل نموذجًا إفريقيًا ناجحًا. كما عبرت عن امتنانها لمساهمة المغرب في تأسيس منظمة التجارة العالمية من خلال اتفاق مراكش، مشيرة إلى أهمية استمرار التعاون مع الرباط في ملفات المستقبل.
وفي إطار السياسات الوطنية للتشغيل، استعرض السكوري خارطة الطريق الخاصة بهذه القضية، والتي تم تطويرها بتعاون مع خبراء منظمة العمل الدولية على مدى عامين، وانعكست مضامينها في مشاريع قانون المالية لسنة 2025. وتستهدف هذه الخارطة فئة الشباب غير المنخرطين في الدراسة أو العمل أو التكوين (NEET)، التي تشمل نحو مليون شخص، إضافة إلى دعم المقاولات الصغرى لتسهيل إدماج هذه الفئة في سوق الشغل.
كما توقف السكوري عند جهود المغرب في مكافحة تشغيل الأطفال، وهو ملف حقق فيه تقدمًا لافتا، بفضل التعليمات السامية للملك محمد السادس، ما جعل المملكة محط إشادة واعتراف من قبل كبار مسؤولي المنظمات الدولية.
اللقاءات التي عُقدت بحضور السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، عمر زنيبر، ومديرة التعاون الدولي بالوزارة، نور العمارتي، أكدت جميعها على مكانة المغرب كشريك موثوق ومبادر في دعم العدالة الاجتماعية، والاستثمار في الإنسان، والانخراط في التعاون الدولي متعدد الأطراف.