قانون الإضراب في المغرب.. بين الأبعاد النفسية والاجتماعية والقانونية

بعد المصادقة على قانون الإضراب في المغرب، الذي قاده وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات يونس السكوري، دخلت البلاد مرحلة جديدة في تنظيم العلاقة بين العمال والمشغلين، وهو ما أثار نقاشًا واسعًا حول انعكاساته على مختلف المستويات. فإلى جانب الجوانب القانونية والتنظيمية، يحمل هذا القانون أبعادًا نفسية واجتماعية تؤثر على بيئة العمل، والطمأنينة المهنية، والاستقرار الاجتماعي.
الأبعاد النفسية.. بين الطمأنينة والتخوف
على المستوى النفسي، يمكن النظر إلى القانون من زاويتين متكاملتين:
🔹 طمأنينة للعمال: يساهم القانون في توضيح حقوق العمال في ممارسة الإضراب، مما يمنحهم إحساسًا بالأمان القانوني أثناء المطالبة بحقوقهم. فبدلًا من العشوائية أو التهديدات غير القانونية، أصبح هناك إطار قانوني يحمي حق الاحتجاج السلمي دون تعسف.
🔹 تخوف من بعض البنود: في المقابل، قد يثير اقتطاع أجور المضربين قلق بعض الفئات، خصوصًا أن الإضراب يُعتبر بالنسبة للكثيرين آخر وسيلة للدفاع عن الحقوق. هذا الأمر قد يخلق ضغطًا نفسيًا على الشغيلة، مما يستوجب تعزيز الحوار الاجتماعي لطمأنتهم حول الضمانات الأخرى التي يوفرها القانون.
الأبعاد الاجتماعية.. بين الاستقرار والتوازن
– تعزيز الاستقرار الاجتماعي: يهدف القانون إلى إحداث توازن بين حق العمال في الإضراب وحق المشغلين في استمرارية العمل، مما يقلل من النزاعات العمالية التي قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني.
– إطار واضح للحوار الاجتماعي: أحد أبرز الأبعاد الاجتماعية لهذا القانون هو أنه يعزز ثقافة التفاوض بين النقابات وأرباب العمل، مما يقلل من التصعيد غير المبرر ويشجع على إيجاد حلول توافقية قبل اللجوء إلى الإضراب.
– حماية المصالح الحيوية للمجتمع: تم تحديد المرافق الحيوية التي لا يمكن شلّها تمامًا خلال الإضراب، مثل القطاع الصحي والأمن والتعليم، وهو ما يحافظ على استقرار الخدمات الأساسية للمواطنين.
الأبعاد القانونية.. من العشوائية إلى التنظيم
– تنظيم ممارسة الإضراب: قبل هذا القانون، كانت الإضرابات تُمارس بدون إطار تنظيمي واضح، مما أدى في بعض الحالات إلى تجاوزات أو تعسفات من كلا الطرفين. اليوم، أصبح الإضراب مؤطرًا بقانون يحدد آجاله، شروطه، وعواقبه.
– ضمان حق الإضراب وفق ضوابط: نص القانون على وجوب الإشعار المسبق بالإضراب، مع تقليص مدة الإخطار إلى 5 أيام بدل 7، استجابةً لمطالب النقابات، وهو ما يمنح المرونة للشغيلة دون الإضرار بالمؤسسات.
– عقوبات للمشغلين المخالفين: فرض القانون غرامات تصل إلى 200 ألف درهم على المشغلين الذين لا يحترمون مقتضياته، مما يضمن تطبيقًا عادلًا لمبدأ المسؤولية والمحاسبة.
هل القانون خطوة إيجابية؟
لا شك أن المصادقة على قانون الإضراب تعد خطوة إصلاحية كبرى، تعزز التنظيم والشفافية في سوق العمل، لكنها في الوقت نفسه تتطلب ديناميكية مستمرة للحوار الاجتماعي لضمان تحقيق التوازن بين حقوق العمال واستقرار المؤسسات.
أمل الجميع أن يحقق القانون المصادق عليه الهدف المنشود في تقليل النزاعات العمالية وتعزيز بيئة عمل أكثر استقرارًا.