
أوضح الأستاذ حميد عشاق أن من أهم المقاصد الحسنة التي رامها الظهير الشريف 2005 والذي أعاد هيكلة دار الحديث الحسنية هو ” تكوين أطر وعلماء قادرين على التفاعل مع مختلف مصادر المعرفة الإنسانية ويكونوا مؤهلين للحوار العلمي والحضاري الجاد مع أندادهم من اصحاب الملل والنحل الأخرى، دفاعا عن قيم الإسلام”.
وأكد، مدير دار الحديث الحسنية خلال افتتاح الندوة الدولية حول ” تراث الأديان الكتابية في المغرب والأندلس” التي انطلقت أشغالها يوم الأربعاء 29 ماي 2024، على سمتين بارزتين تسعى الندوة على إبرازها:
تتمثل الأولى في خصوصية الحضارة الإسلامية في التعامل مع الأديان الكتابية. أما الثانية فهي ” فرادة هذه التجربة في تاريخ المغرب والأندلس لاسيما على مستوى التلقي النصي والنقد المنهجي”.
وأضاف عشاق أنه يمكن تجلية ذلك من خلال قضيتين: الأولى وهي مبدأ الاعتراف: ” إذا كان للنص القرآني خطاب خاص لأهل الديانات السماوية، حيث نعتهم بأهل الكتاب. ولايخفى من هذا الوصف من تحلية وتشريف واعتراف بما أوحي إليهم وربطهم به. كما أباح القرآن الكريم الزواج من نساءهم وأكل طعامهم والمتاجرة معهم. وهذا لايقوم ولايستتب إلا في ظل مجتمعات متكافلة ومتداخلة حيث تسن التنظيمات وتجري المعاملات مثل البيوع والأنكحة وسائر العقود” يوضح الأستاذ عشاق.
أما القضية الثانية فهي مبدأ النقد المنهجي، حيث شدد مدير دار الحديث الحسنية أن الأصول الإسلامية ميزت بين التعايش مع الآخر ومخالطته بالبر والقسط. وبين قبول معتقده ومذهبه”. وأكد أن القرآن الكريم لما اعترف بالأصل السماوي للدينات الكتابية ” انتقد مابين أيديهم من ماينسبونه إليها ودعا إلى مراجعته وتصحيحه. وهو المنهج الذي صار عليه أهل العلم في بلاد المغرب والأندلس التي كانت فضاء رحبا متعدد الثقافات والإثنيات، التقى فيه المسلمون مع غيرهم من أهل الملل والنحل والمذاهب والآراء فدعوهم إلى سوح المناظرة والحوار والبحث. وأفسحوا المجال لمخالفيهم للمناقشة وحق الرد”.
وهكذا خلص الدكتور حميد إلى هذه التحربة كانت ” تجربة متقدمة جدا في إرساء تقاليد الحوار والجدل الأكاديمي الحر ومحطة بارزة لتأسيس وميلاد تاريح الأديان بمللها وطوائفها ومدارسها.
وتجدر الإشارة إلى أن الندوة تسعى حسب المنظمين إلى إبراز دور التنوع الديني والثقافي في بلاد المغرب والأندلس في تقدم المجتمع، حيث ستتطرق إلى المحاور التالية:
المحور الأول: القضايا الكبرى في تراث الأديان الكتابية بالمغرب والأندلس
المحور الثاني: الأعلام البارزون في الأديان الكتابية وإسهاماتهم الفكرية والدينية في تراث المغرب والأندلس
المحور الثالث: خصائص التراث الكتابي في بلاد المغرب والأندلس.