دراساتslider

من مظاهر الهندسة المعمارية في المساجد

عندما تولى يحيى بن محمد بن إدريس ملك المغرب عام 234 هـ كثر الواردون على فاس. فكان ممن قدم من القيروان محمد بن عبد الله الفهري الذي استقر مع ذويه في عدوة القرويين وخلف بعد موته بنتين هما فاطمة أم البنين ومريم. وتحصل لهما بالميراث مال كثيرا طيب ورغبتا أن تصرفاه في وجوه من البر فعلمتا أن الناس قد احتاجوا لبناء جامع كبير في كل عدوة من فاس لضيق الجامعين القديمين بالناس فشرعت فاطمة في بناء جامع القرويين ومريم في بناء جامع الأندلس.

عبد العزيز بنعبد الله


عندما تولى يحيى بن محمد بن إدريس ملك المغرب عام 234 هـ كثر الواردون على فاس (1) فكان ممن قدم من القيروان محمد بن عبد الله الفهري الذي استقر مع ذويه في عدوة القرويين وخلف بعد موته بنتين هما فاطمة أم البنين ومريم، وتحصل لهما بالميراث مال كثيرا طيب ورغبتا أن تصرفاه في وجوه من البر فعلمتا أن الناس قد احتاجوا لبناء جامع كبير في كل عدوة من فاس لضيق الجامعين القديمين (2) بالناس فشرعت فاطمة في بناء جامع القرويين ومريم في بناء جامع الأندلس (3) .
وقد وقع الشروع في بناء جامع القرويين في رمضان 245 هـ ونصبت قبلته على غرار قبلة جامع الشرفاء الذي أسسه المولى إدريس وكان يحتوي أول الأمر على أربعة بلاطات ابتداء من القبلة ولكل بلاط إثنا عشر قوسا من الشرق إلى الغرب وأقيم المحراب مكان الثريا الكبرى كما جعل في مؤخرة صحن صغير وصومعة واحتفظ بهذا الهندام المعماري إلى أن كثرت العمارات واتصل البناء في أرياض المدينة من سائر الجهات وجرى أمر زناتة بأرض المغرب سنة 307 هـ فأزيلت الخطبة من جامع الشرفاء لصغره وأقيمت بجامع القرويين لاتساعه وكبره وصنع له منبر من خشب الصنوبر.
وعندما دعت زناتة لعبد الرحمن الناصر ملك الأندلس وبايعه أهل فاس قام العامل أحمد ابن أبي بكر الزناتي بتوسيع المسجد منفقا عليه «من أخماس غنائم الروم» فزاد أربعة بلاطات من المغرب وخمسة من الشرق وثلاثة من الجوف (أي الشمال) في موضع الصحن الذي كان فيه بلاط واحد بعد أن هدم الصومعة لتطاول أشرافها على الدور المجاورة وأصبح مصعدها يضم مائة درجة ودرجة وغشى بابها المواجهة للقبلة بصفائح النحاس الأصفر وتم ذلك كله عام 345 هـ حسبما في التربيعة المنقوشة بها من جهة الصحن وجعل في أعلاها قبة صغيرة ووضع في دورانها تفافيح مموهة بالذهب في زج من حديد وركب في الزج سيف الإمام إدريس مؤسس المدينة وبنيت تحت القبة المذكورة قبة أكبر منها لجلوس المؤذنين لإشاعة الآذان في أوقاته.
وكان فيها بيت الراعي منهم لأوقات الليل وانصداع الفجر وبندائهم يقتدي باقي المؤذنين بصوامع المدينة وتوجد بمواضع المنارة بلاطة رخام وسط كل منها قائم يستدل بصدود ظله على خطوط بطول أزمان النهار ومرور ساعته وفي عطفات أدراجها سرج زاهرة يمر عليها الليل.

وفي عهد يوسف المريني (685هـ) نصب بدن من الفخار بالقبة العليا فيه الماء وجعل على وجه الماء مجرى من نحاس فيه خطوط وثقاب يخرج منها الماء بقدر معلوم إلى أن يصل الخطوط فيعلم بذلك أوقات الليل والنهار.
وقد صنعت في غرفة مطلة على الصحن متجانسة على يد المعدل محمد الصنهاجي عام 741هـ وهي عبارة عن مجن من خشب الأرز جعل في ركن الغرفة على يسار المستقبل ووضع في داخله بدنان كبيران من فخار أحدهما أعلى من الآخر يحتوي على ماء وبالأسفل أنبوب من نحاس يهبط منه الماء في البدن الأسفل بقدر معلوم وجعل في طرف الجنح (الآلة) مفطس (جفنة) وكذلك في جانب التفطيسة رسمت فيهما الساعات ودقائقها وأوقات الليل والنهار.
وجعل الموقت المسطرة معلقة في (4) خارجها من الجنح يجري في حفر التفطيسة طالعا وهابطا وجعل على وجه الماء الذي يجتمع في البدن الأسفل جسيما مجوفا من نحاس على هيئة الأطرفة (أي الجوانب الداخلية) معلقا في الطرف الداخلي على العلو فإذا طلع الجسم بطلوع الماء الذي يجتمع في البدن الأسفل طلع طرف (4) الخارج من التفطيسة وطلعت بطلوعه المسطرة ـ وفي أيان أبي عنان (749هـ) جعل خارج الجنح دائرة عليها شبكة الأسطرلاب تدور رسومه ومتى طلعت المسطرة عرف بها الوقت كما أقيمت هناك رمليات لاختبار الوقت مع أسطرلابات أخرى منذ هذا العهد جعلت صارية ينشر فيها العلم إيذانا بأوقات الصلاة النهارية ومنار لأوقات الليل وقد صنع أبو عنان (عام 758هـ) «مجانة بطيان وطسوس من نحاس» مقابلة لباب المدرسة التي أسسها بفاس وجعل شعار كل ساعة أن تسقط صنجة في طاس وتنفتح طاق.

وقد بنى المظفر بن المنصور بن أبي عامر المنبر عام 388 هـ من «عود الأبنوس والعناب وغيرهما» فخطب عليه إلى أيام علي بن يوسف بن تاشفين حيث صنع عام 538 هـ منبرا جديدا «من عود الصندل والأبنوس والنارنج والعناب وعظم العاج مع غشائين من جلد وكتان وذلك على يد نجار كان إماما في اللغة والشعر (5) وكلف صنعه نحو 3800 دينار فضي.
وقد زيدت بجامع القرويين في مختلف العصور بناءات جديدة منها الباب الأكبر بسماط الموثقين (العدول) عام 505 هـ وبخارجه قبة الجص المقربصة (عام 617هـ) وباب الشماعين (عام 518هـ) (6) مع قبتين إحداهما بالداخل من الجص والأخرى من الأرز بالخارج (7) .
وفي عهد علي بن يوسف اشتريت دور كان أكثرها في ملك اليهود وزيدت في المسجد عشرة بلاطات من الصحن إلى القبلة (8) والقبة بأعلى المحراب «بالجص المقربص الفاخر الصنعة» ورقش ذلك كله بورقة الذهب واللازورد وأصناف الأصبغة (9) وركب في الشماسات التي بجوانب القبلة أشكال متقنة من أنواع الزجاج وألوانه «ثم غشيت أبواب الجامع» بصفائح النحاس الأصفر بالعمل المحكم والشكل المتقن (كل ذلك عام 533هـ).
وقد لاحظ ابن أبي زرع أن هذا الفن كان يبهت الناظرين فلما دخل عبد المومن بن علي عام 540 هـ خاف الفقهاء والأشياخ أن ينتقد ذلك النقش والزخرف لأن الموحدين «قاموا بالتقشف والتقلل» فنصب الحمامون على النقش والتذهيب الذي فوق المحراب وحوله بالكاغد ثم ليسوا عليه بالجص وغسل عليه بالبياض (10).
وقد علق جورج مارسي على هذا الحدث فزعم أنه قصد قصة ملفقة لتبرير البياض والفراغ الملحوظين في قبة المحراب (11) إلا أن الحفريات التي قامت بها مصلحة الفنون الجميلة منذ عام 1952 أكدت حكاية المؤرخ العربي فقد كشف عن نقوش رائعة غير أنها لا تحتوي على أي توريق ذهبي وقد لوحظ أن أصناف الأصبغة المشار إليها من طرف صاحب القرطاس هي الأزرق والأحمر والمغرة الصفراء.
وما زالت الألوان متماسكة وفي رائق غضاضتها ويظهر أن مزيج الأصباغ كان يحتوي على مح البيض الذهبي اللون وأن الدهان كان كامدا للتخفيف من بريق أشعة النور المنعكس من النوافذ.
وقد جهز الجامع بمستودع توضع فيه أموال الجامع وأمانات الناس وكان محصنا بخشب الأرز وبخمس منافسين بصفائح من حديد مقلوبة «وبنيت دار الوضوء بخمسة عشر بيتا مع طاق في سقف كل بيت للإنارة وأنبوبة نحاسية ينصب منها الماء في نفير محفور من حجر وفي سمكها قبة من جبص مقربصة مرقشة بأنواع الأصبغة وجعل بوسطها بيلة من الحجر الأحمر مع ثقوب من نحاس مموه بالذهب والبييلة والخصة كلاهما من عمل رجل سجلماسي صنعهما له رجل آخر «من أهل المعرفة بالبناء والهندسة».
أما العنزة فقد أقيمت عام 688 هـ «وفيها غرابة الصنعة ونفاسة الخشب وإثقان الإلصاق ودقة الخرط والنقش ما يقضي بالعجب» (12) وصنعت سقاية منمقة «بالجص والحجر المنجور وأنواع الصبغة» كما جعلت على المحراب عام 712 هـ مقصورة من خشب الأرز الغيت بعد ذلك أما الخزانة فقد أسسها أبو عنان المريني عام 750 هـ وجهزها بالكتب المنوعة وعين قيما لضبطها ومناولة مصنفاتها. وللجامع 18 بابا و300 سارية ـ عشر منها من حجر ملون وثلاث منها تقع تحت الثريا الكبرى تبصر منها جميع أبواب الجامع ـ و 21 بلاطا و 130 ثرية من النحاس مختلفة الألوان والصناعات والأشكال والهيآت.

أما جامع الأندلس فقد وقع الشروع في بنائه كذلك عام 245هـ وكان فيه ستة بلاطات وصحن صغير هـ (13) ونقلت إليه الخطبة من جامع الأشياخ قبيل ذلك (321هـ) وبعد نحو من ثلاثة قرون عام (600هـ) أمر الناصر الموحدي ببناء الباب الكبير الذي فيه درج بأسفلها شباك من خشب الأرز فيه ثلاثة أبواب في الأوسط بيلة من الحجر الأصفر ينفجر بها الماء من وادي مصمودة. وبأعلى الباب قيتان أحدهما من جص مقربص الداخل والثانية من خشب الأرز ..
كما أمر الناصر ببناء سقاية ومدخل لمصلى النساء ومصرية لائمة الجامع ودار للوضوء بخصتها تحاكي التي بجامع القرويين وعدد بلاطاتها بعد سنة 695 هـ خمسة عشر من الشرق إلى الغرب، وثلاثة عشر من القبلة إلى الجوف، وتسعة أبواب و 134 سارية.
وكانت فاس في هذا العصر كما وصفها المراكشي «حاضرة المغرب وموضع العلم منه اجتمع فيها علم القيروان وعلم قرطبة … وحل من هذه وهذه من كان فيهما من العلماء والفضلاء من كل طبقة فرارا من الفتنة فنزل أكثرهم مدينة فاس فهي اليوم على غاية الحضارة وأهلها في غاية الكيس ونهاية الظرف ولغتهم أفصح اللغات في ذلك الإقليم ومازلت أسمع المشايخ يدعونها بغداد المغرب» (14).

وقد لاحظ كوستاف لوبون أن مدينة فاس كانت تزاحم بغداد في القرن العاشر الميلادي فكان بها نصف مليون نسمة و800 مسجد وخزانة حافلة بالمخطوطات اليونانية واللاتينية (15) وقد زعم أستاذ إيطالي هو لويجي روسو أنه اشترى من فاس مخطوطات نادرة من عشاريات تيتيف (16) حول التاريخ الروماني.
وقد وصف كابريال شارم مدينة فاس بأنها أول مدينة مقدسة بعد مكة وأنها كانت مركز القوة العربية في عنفوان ازدهارها والعاصمة الفكرية والروحية للمغرب الإسلامي بفضل معاهدها الخالدة ومساجدها الماجدة (17) وذكر مارسي (18) أن إفريقية نفسها وهي الوطن العتيق لعلماء الإسلام أصبحت تتلمذ لبرابرة الغرب وشبه على باى العباسي هذه المدينة باثينة لوفر علمائها ومعاهدها (19) .
ولاحظ ليفي بروفنصال أنها لم تكن أقل مكانة من عواصم الإسلام الأخرى (20) نعم في هذه المدينة تبلورت الحضارة العربية التي تفتقت بالمغرب فتلألأت أشعتها على أروبا (21) وقد احتفظت فاس على ممر العصور بإشعاعها «فهي ما زالت دار العلم وجامع القرويين ما زال أول مدرسة في الدنيا (22) .
وذكر مارمول أنه كان بفاس 200 مدرسة ونقل الكانوني في «شهيرات نساء المغرب» عن مؤرخ أروبي خصص كتابا لفن الإنسان بالمغرب لاحظ فيه أن مدينة فاس الجديد حوالي عام 1844م إلى مدرسة للمهندسين نظم فيها السلطان دراسة العلوم الحديثة (23) .
وقد أكد مولاي عبد الرحمن بن زيدان (24) أن خريجي «مدرسة البوليتكنيك» (الفنون) التي أسسها السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن بفاس الجديد تابعوا دراستهم في معاهد إنجلترا (مثل محمد بناني العلمي) .
وكان بجامع القرويين أواخر القرن الماضي 700 طالب ونحو الأربعين أستاذا، وظل جامدا إلى ما قبيل الاستقلال حيث ينيف الآن على ستة آلاف وكان هؤلاء الطلبة يسكنون بالمدارس ويتمتعون بنظام الخبزة الذي عوض الآن بمنح دراسية ومطاعم مدرسية وداخلية منظمة في الشراردة.

جامع حسان
إن هذا الجامع من مآثر الموحدين الخالدة التي حققت وحدة الفن الشرقي والفن الأندلسي المغربي فهو رمز لفخامة الدولة الموحدية ومشاعرها في السمو والعظمة وذوقها في التناسق الجامع بين الفخفخة والبساطة وهو مجهود رائع إذا اعتبرنا انبثاقه من أسرة «موحدة» كانت نعمل على دعم الإسلام في صفائه الأصيل ـ وحنفيته السمحة وعظمته البسيطة ويقع جامع حسان شمالي شرق مدينة الرباط الذي بناه الموحدون بالرباط بعد مسجد القصبة العتيق وبانيه هو يعقوب المنصور الذي أتمه عام 592هـ ويظهر أن بناءه لم يتم ومنارته أقرب عهدا من منارة الكتبية ومنارة جامع شبيلية، المعروفة بالخالدة، وهي مربعة كمنارة جامع دمشق، يبلغ عرضها ربع طولها حسب التقليد المعماري وهذا العلو وهو 64 مترا ـ يجعل من منارة حسان أعظم منارة في الغرب بل حتى في الشرق (25) أما الجامع فإنه مربع المساحة تقريبا هندسي التقسيم لتساوق سواريه الفاصلة بين صحونه الواسعة ومحرابه مربع الشكل على خلاف المحارب المغربية، وهو منحرف ببعض الشيء عن القبلة مثل جامع القرويين (26) .

رسالة الأوقاف المعمارية
لقد تذرع المغاربة منذ انبثاق فجر الإسلام بهذه البلاد ـ بشتى الوسائل لتركيز الفكرة الإسلامية وتحقيق ازدهار المسلمين في ءان واحد بواسطة (رباع) توقف على المؤسسات الدينية والاجتماعية، وقد ساهم الملوك والشعب في هذه الحملة الدينية الإسعافية التي كانت تتخذ مختلف المظاهر لتحقيق غاياتها، وإذا راجعنا دفاتر الإحصاء الحبسية لاحظنا أن الأوقاف تتوفر في جميع أنحاء القطر على أحسن الأراضي والعقارات حتى على السوائم الحية في الجبل علاوة على الغراسات الثرية وقد وقع تفويت جانب كبير من الأراضي الخصبة الشاسعة والأملاك المختلفة في إبان الحماية ولا تزال صكوك تحبيسها موجودة حتى الآن.
وقد تبلور الاتجاه الحبسي على الخصوص منذ عهد المرينيين حيث أقام أبو يوسف المارستانات للغرباء والمجانين، وأجرى عليها النفقات وخصص لها الأطباء وبنى المدارس ورتب فيها الطلبة لقراءة القرءان والعلم، وأجرى لهم المرتبات في كل شهر، وبنى الزوايا في الفلوات وأوقف لها الأوقاف الكثيرة لأطعام عابري السبيل وذوي الحاجات (الذخيرة السنية ص 100) ، وسار الملوك بعد ذلك على منوال حثيث في هذه الطريق الجديدة حتى إنشأ أبو الحسن (في كل بلد من بلد المغرب الأقصى وبلاد المغرب الأوسط (الجزائر) مدرسة فقامت مؤسساته الاجتماعية في تازا ومكناس وسلا وطنجة وسبتة وآنفا (الدار البيضاء الحالية) وأزمور وآسفي وأغمات ومراكش والقصر الكبير وتلمسان وعاصمة الجزائر (المسند الصحيح الحسن لابن مرزوق ص 35 مجلة هسبريس عام 1925) ولم تكن أية مدينة من المدن لتخلو من عائلات خصصت قسطا من أملاكها للإسعاف الاجتماعي وهي الأوقاف المعينة على الخبز مثلا الذي كان يوزع أسبوعيا أو يوميا حسب أهمية الأرباع هذا علاوة على الأوقاف الخاصة بالمساجد والمرستانات ومعاهد التعليم التي كان يتعيش منها عدد كبير من المستخدمين زيادة على رواتب العلماء والطلبة.
وإذا اعتبرنا أن مدينة مغربية كانت تتوفر في كل حي من أحيائها على عدة مساجد بأوقافها، لمسنا ضخامة الثروة الحبسية في المغرب ويكفي أن نعلم أن في فاس وحدها أحصى في زمن المنصور ومحمد الناصر الموحدين (785 مسجدا و 42 دارا للوضوء و 80 سقاية عمومية و43 حماما) (زهرة الآس ص 33) وكلها حبسية (27) .
وكانت في المغرب أوقاف من نوع خاص (28) كالتي تصرف على الزوجين الفقيرين بأيوائهما مجانا في منزل مؤثث إبان الزفاف وكالتي تنفق في تجهيز العروس المعوزة وأوقاف الأواني المكسرة وتعهد وتغذية الحيوانات والطيور (كذية البراطيل بفاس) وذلك بالإضافة إلى تأسيس الأسوار والقناطر والقنوات والسهر عليها والشبه هنا ملحوظ بين المغرب والشام حيث توجد نفس الأنواع من الأوقاف (29) .

المراجع
1) أسست القرويين بعد بناء فاس بثلاثة أرباع قرن وقد اختلف في تاريخ بناء فاس، وأفرد ليفي بروفنصال بحثا في الموضوع اقتبس فيه من مؤرخين كأبي بكر الرازي المتوفى عام 344 هـ والذي يقول بأن يأتي فاس هو إدريس الأول الذي جاء إلى المغرب عام 172 هـ ومات عام 174 هـ وبنيت المدينة في نظره خلال هذه الفترة ولاحظ ابن سعيد أن إدريس الأول لم يؤسس سوى عدوة الأندلس ونقل ابن الأبار عن أبي الحسن النوفلي أن إدريس الثاني بنى عدوة القرويين عام 187 هـ ويوجد في مكتبة باريس درهم سك بفاس عام 189هـ أي قبل التاريخ العادي لبناء فاس بعامين كما يوجد درهم في متحف كاركوف بروسياسك بفاس عام 185 هـ وهو التاريخ الذي يعطيه الحسن بن محمد الوزان لبناء فاس.
2) لاحظ ابن أبي زرع أن عدد مساجد فاس انتهى أيام المنصور والناصر الموحدين إلى 782 مسجدا علاوة على 122 ما بين سقايات ودور الوضوء و 73 حماما (الأنيس المطرب ج 1 ص 64) .
3) زهرة الآس في بناء مدينة فاس لعلي الجزئاني طبعة 1340 ص 34
4) بياض في الأصل
5) زهرة الآس ص 42
6) يذكر صاحب القرطاس أن كتابات التأسيس مؤرخة بعام 528 (ج 1 ص 85) ووهم صاحب الجدوة فأعطى تاريخا محرفا هو 710 هـ.
7) أحرفت القبة الخشية عام 571 فصنعها الموحدون من الجص عام 600 هـ من بيت المال في حين صنع المرابطون بأبي السماط والشماعين مع القبتين من مال الأحباس.
8) يوجد بجامع القرويين 19 بلاطا موازيا للقبة وقد لاحظ جورج مارسي أن هذا الأسلوب يرجع عهده إلى صدر الإسلام ونجده في مصر (جامع عمرو وجامع ابن طولون) وظل هو الغالب في مساجد فاس (فن الإسلام ص 95)
9) الأنيس المطرب ج 1 ص 87.
10) الأنيس ج 1 ص 88.
11) كتاب الفن الإسلامي طبعة 1926 ج 1 ص 302 وقد أكد مارسي هذا الزعم في الكتاب الذي صنفه عام 1954 وهو «الهندسة المعمارية الإسلامية في الغرب» ص 188 إلا أن الأستاذ طيراس أيد مقالة ابن أبي زرع.
12) زهرة الآس ص 65
13) حسبما في عتبة بابها ـ زهرة الآس ص 81
14) المعجب في تلخيص أخبار المغرب سلا عام 1357 ص 221
15) حضارة العرب ـ الطبعة الفرنسية ص 263 وقد ذكر نفان (ص81) أن هذه الخزانة كانت تحتوي 30000 مجلد، كما ذكر كودار (وصف تاريخ المغرب ج 2 ص 376) أن يعقوب المريني استرجع من المسيحيين عددا من المصنفات العربية وأهداها إلى القرويين ولاحظ ميلي (كتاب الموحدين ص 101) أن يعقوب الموحدي كانت له خزانة تضاهي مكتبة الخليفة الأموي الحكم الثاني، وقد أهداها كذلك إلى القرويين وفي عهد المولى زيدان السعدي اختلس قنصل فرنس أربعة آلاف مخطوط عربي وباعها لإسبانيا فكانت من نواة الأسكوريال.
16) ولد هذا المؤرخ الروماني عام 59 قبل الميلاد
17) كتاب سفارة بالمغرب (ص255)
18) كتاب الفن الإسلامي ج 2 ص 465.
19) سفريات على باي العباسي إلى إفريقيا وآسيا ـ باريس عام 1884 ج 1 ص 137
20) مجلة هسبريس ـ عام 1952 ص 3
21) كتاب سفارة المغرب ص 228
22) دلفان في كتابه «فاس وجامعتها» (ص12)
23) الجريدة الأسيوية عام 1917 ـ كتابات عربية بفاس ـ الفريدة بيل ج 10 ص 152 وكانت توجد بالجديدة في نفس الوقت مدرسة مركزية للمدفعية (كتاب امبراطورية تنهار ص 16) وقد أجرى تدريب لإثنى عشر طالبا مغربيا في المدرسة العسكرية بمونبيلي عام 1885 وأنهوا دراستهم عام 1888 (هسبريس ج 41 عام 1954 ص 136) وقد وجه مولاي الحسن طلبه إلى انجلترا وإيطاليا وإسبانيا (المغرب الحديث إيركان ص114) وحتى إلى أمريكا (كتاب سفارة المغرب ص 218) .
24) الإتحاف ج 3 ص 367
25) لاحظ ابن بشكوال أن منارة قرطبة أحسن منارات الإسلام
26) وقد فند ابن سعيد ذلك ملاحظا أن منارة الكتبية ومنارة إشبيلية الموحدتين أضخم من منارة (نفح الطيب المقري ج 1 ص 267) ومساجد الريف شمالي الغرب عارية من المنارات وإنما تمتاز عن باريس عام 1895 ج 1 ص 144)
27) لاحظ بعض فقهاء فاس على الأمير أبي يوسف بن عبد الحق المريني ما في بعض مساجد فاس من انحراف فجمعهم الأمير وذكروا أن جامع القرويين نصبت قبلته على سمت القبلة التي نصبها المولى إدريس وقد صلى إليه جماعات من العلماء والصلحاء والقضاة وأمراء العدل فما غيروا ذلك.
وقد أكد الجزنائي في زهرة الآس (ص75 أن ما يظهر من انحراف قد يقرب من الصواب على رأي من يرى أن المطلوب من قبلة سائر الآفاق إنما هو الجهة لمكة والجهة حاصلة وقد قال صلى الله عليه وسلم ما بين المشرق والمغرب قبلة.
ولعل الموحدين تشبثوا بظاهر هذا الحديث الذي يماثله الحديث الآخر الذي رواه البخاري في عدم استقبال القبلة في قضاء الحاجة حيث قال صلى الله عليه وسلم «شرقوا أو غربوا» أي بالنسبة للمدينة المنورة وقد وهم الأستاذ طيراس في كتابه «سمت المحراب في المساجد» حين أول هذا الانحراف تأويلات مختلفة ضاربا صفحا عن تمسك الموحدين بظاهر الحديث.
27) وذكر أبي القاضي في الجذوة أن مساجد فاس كانت قبل اليوم 785 وأما اليوم (عصر المنصور السعدي) فلا تحصى كثرة وعدد حماماتها قبل اليوم 93 وأما اليوم فلا عدد لها (ص28)
28) وكانت هناك أحباس من نوع خاص في كل من المغرب والأندلس فقد ذكر صاحب نشر المثاني أن من أحباس جامع الأندلس قراءة التفسير بالفخر الرازي (ج1ص20) وأن كراسي العلم في التفسير وقراءة صحيح مسلم وابن الحاجب وصغرى السنوسي والرسالة ونظم ابن زكري لها أحباس (ج1ص38) ومن أحباس فاس استيفاء ابن حجر على صحيح في التدريس (نيل الابتهاج ص169) وكان بعض العلماء لا يأكلون من مال الأحباس مثل سيدي عبد القادر الفاسي (السلوة ج 1 ص 310)
29) ذكر صاحب جذوة الاقتباس أن كثيرا من أوقاف المساجد أدخلها أهل فاس منافعهم وحسبوها من أموالهم أيام ابن تاشفين فرفعت القضية إلى القاضي عبد الحق بن معيشة الغرناطي فتوجه الطلب على النظراء والوكلاء في ذلك ومحاسبتهم فأبرزت المحاسبة 80000 دينار (ص42) .
وقد ذكر ميشوبيلير في المستندات المغربية (عام 1907 ص 192) أن الأحباس احتفظت بإدارتها المستقلة إلى عهد مولاي عبد الرحمن الذي قرر ضمها إلى دوائر المخزن وألغى النظار الخصوصيين للمساجد والأضرحة وعوضهم في كل مدينة بناظرين يعينهما السلطان.

المصدر: دعوة الحق، العدد 54، أكتوبر 1962

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى