هل آن الأوان لرد الاعتبار للعمل المنزلي؟ خبراء من المغرب وأوروبا يناقشون الإنصاف الاقتصادي للمرأة بعد الطلاق

ناقش خبراء قانونيون وممثلون عن مؤسسات حقوقية من المغرب وأوروبا، اليوم الثلاثاء بالرباط، مسألة الإنصاف الاقتصادي للمرأة في حالات الطلاق، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بقيمة العمل المنزلي غير المدفوع الأجر، وذلك في إطار ندوة نظمتها وزارة العدل بشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا، تحت عنوان:
“الاعتراف بقيمة العمل المنزلي واحتسابه في حالات الطلاق – تجارب مقارنة”.
وتندرج هذه الندوة ضمن برنامج التعاون الثلاثي MA-JUST، حيث سعى المشاركون إلى استكشاف التجارب القانونية المقارنة، وطرح الرؤى والتحديات المتعلقة بكيفية تفعيل هذه المقاربة على أرض الواقع القضائي، بما يضمن العدالة الاقتصادية للمرأة بعد الطلاق.
في كلمة باسم وزير العدل عبد اللطيف وهبي، ألقتها نيابة عنه ريما لبلايلي، مديرة التعاون والتواصل بالوزارة، أكد أن الاعتراف القانوني والاقتصادي بالعمل المنزلي للزوجة يشكل اليوم محورًا أساسيًا في النقاشات الحقوقية والمجتمعية، معتبرًا أن هذه القضية تتجاوز بعدها الرمزي، لتلامس قضايا تنموية واقتصادية تمس بنية المجتمع واستقراره.
وأضاف وهبي أن هذا النوع من العمل، الذي طالما اعتُبر “واجبًا طبيعيًا” مفروضًا على النساء، هو في الواقع عنصر حاسم في الاستقرار الأسري وإنتاج الثروة، لافتًا إلى أن المغرب يولي هذا الملف أهمية خاصة في سياق مراجعة مدونة الأسرة، بهدف ترسيخ العدالة والمساواة وضمان كرامة المرأة والطفل داخل الأسرة.
وأشار إلى أن تحقيق المساواة الحقيقية لا يمكن أن يقتصر على تعديل النصوص القانونية فحسب، بل يتطلب أيضًا الاعتراف بالدور غير المرئي الذي تؤديه ملايين النساء داخل البيوت.
من جهته، عبّر دانييل دوتو، نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالمغرب، عن أسفه لكون العمل المنزلي ما يزال غير معترف به رسميًا في الإجراءات القانونية المتعلقة بالطلاق، رغم كونه مساهمة فعلية في استقرار الأسر، مؤكدًا أن هذه المسألة أصبحت اليوم قضية عدالة اجتماعية بامتياز.
أما كارمن مورتي غوميز، رئيسة مكتب مجلس أوروبا في الرباط، فأكدت أن المجلس لا يكتفي بمشاركة خبراته، بل يسعى أيضًا للاستفادة من التجربة المغربية في إيجاد حلول متجذرة في الواقع المحلي، مشيرة إلى أن الاعتراف بالعمل المنزلي يحمل أبعادًا قانونية واقتصادية ومجتمعية، ويصب في صميم القيم الكونية المرتبطة بالكرامة والمساواة والعدالة.
ويتضمن برنامج هذه الندوة تنظيم جلستين رئيسيتين تسلطان الضوء على تجارب مقارنة من دول مختلفة في موضوع احتساب العمل المنزلي ضمن مستحقات الطلاق، وسبل إدماج هذه الرؤية ضمن التشريعات الوطنية لضمان إنصاف النساء وتقدير مساهماتهن داخل الأسرة.