sliderدراسات

جهود العلماء الأشاعرة في ترسيخ المذهب الأشعري في إفريقيا (دراسة دعوية تحليلية)

يعد المذهب الأشعري من المذاهب التي كانت سببا في تحصين المجتمع الإسلامي عن طريق أهل السنة والجماعة، كما أن أئمة هذا المذهب من الذين حافظوا على جوهر التوحيد الإسلامي القائم على إثبات الصفات مع تنزيه الباري عز وجل عن جميع أشكال المشابهة والمماثلة وذلك باعتبار أدوات النظر العقلي السديد، دون أن تنكر النقل بوصفه أساس الواجبات العقلية كلها.

أولاً: أهمية البحث:

يكتسب البحث أهميته في إبراز وتجلية وتوضيح دور العلماء الأشاعرة في ترسيخ المذهب الأشعري في إفريقيا وذلك من خلال دفاعهم عن المذهب الأشعري وكثرة مؤلفاتهم وتعريف المذهب الأشعري، بأنه لم يخالف مذهب أهل السنة والجماعة مما جعل بعض الأمراء والوزراء يتبني رعاية المذهب ونشره.

ثانياً: أهداف البحث:

يهدف البحث لتحقيق الآتي:

1 – تعريف المذهب الأشعري وذكر نبذة عن مؤسسه أبي الحسن الأشعري.

2 – معرفة أسباب انتشار المذهب الأشعري وتغلبه على بعض المذاهب الأخرى.

3 – معرفة مراحل تطور المذهب الأشعري مع ذكر العلماء الذين أسهموا في تطوره.

ثالثا: مشكلة البحث:

إن مشكلة البحث تنبثق من أهمية الموضوع، ويمكن طرح المشكلة من خلال التساؤلات الآتية:

1 – ما هو المذهب الأشعري؟ ومن هو مؤسسه؟

2 – من هم العلماء الذين كان لهم الأثر في ترسيخ المذهب الأشعري عموما في قارة إفريقيا؟

3 – كيف تطور المذهب الأشعري؟ ومن هم العلماء الذين أسهموا في تطوره؟

4 – ما الأسباب التي أدت إلي تطور المذهب الأشعري وانتشاره ؟

5 – ما هو تأثير المذهب الأشعري على المجتمع في إفريقيا ؟

6 – كيف انتشر المذهب الأشعري في إفريقيا؟ وكيف استوطنها ؟

رابعاً: منهج البحث:

يعتمد البحث على المنهج التاريخي الوصفي والتحليلي للوصول إلى الإجابة على تلك الأسئلة.

خامساً: هيكل البحث:

اشتمل البحث على ثلاثة محاور رئيسية:

المحور الأول: الإمام الأشعري: حياته ومذهبه من خلال مؤلفاته.

المحور الثاني: مراحل تطور المذهب الأشعري.

المحور الثالث: رسوخ المذهب الأشعري في إفريقيا.

الخاتمة: اشتملت على عدد من النتائج والتوصيات.

المحور الأول: التعريف بالمذهب الأشعري ومؤسسه

ينسب المذهب الأشعري إلى مؤسسه علي بن إسماعيل بن أبي بشر بن إسحاق ابن سلم بن إسماعيل بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وأبو الحسن الأشعري ينتهي نسبه إلى هذا الصحابي الجليل، واسمه عبد الله بن قيس بن حضار الأشعري اليمني1.

اختلف في تاريخ ولادته فقيل سنة 260هـ وقيل سنة 270هـ.والأول هو الأرجح؛ لأنه يتناسب مع ما ذكر من حياته من تحوله عن الاعتزال وهو في الأربعين، وهو الذي رجحه الخطيب البغدادي وابن عساكر.

فأما أبوه إسماعيل فكان سنياً جماعياً حديثياً، ويدل على ذلك أنه أوصى عند وفاته إلى زكريا بن يحيى الساجي2. وفيه دلالةعلى أن أباه توفي وابنه أبو الحسن صغير، ولذلك عاش في كنف زوج أمه الجبائي.

ولد الإمام أبو الحسن الأشعري في البصرة، ثم انتقل إلى بغداد وعاش بها حتى وفاته بعد حياة حافلة بالعطاء في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي، وقد قيل إنه توفى سنة 324هـ وهو أرجحها وقد رجحها ابن عساكر3.

يقول الإمام الذهبي: «ولأبي الحسن ذكاء مفرط، وتبحر في العلم وله أشياء حسنة، وتصانيف جمة تقضي له بسعة العلم»4.

أما ابن عساكر في الكتاب الذي أفرده في ترجمته والدفاع عنه، فقد مدحه كثيراً، وجعله من المجددين، وذكر الروايات الواردة في مدح قومه وأسرته. وكذلك السبكي في «طبقات الشافعية»، فقد مدح شيوخ الأشاعرة ونقل أقوالهم وعقائدهم5.

ومما قال فيه: «شيخنا وقدوتنا إلى الله تعالى: الشيخ أبو الحسن الأشعري البصري شيخ طريقة أهل السنة والجماعة، وإمام المتكلمين، وناصر سنة سيد المرسلين والساعي في حفظ عقائد المسلمين سعياً يبقى أثره إلى أن يقوم الناس لرب العالمين، إمام حبر وتقي بر، حمى جناب الشرع من الحديث المفترى، وقام في نصرة ملة الإسلام فنصرها نصرا مؤزرا»6.

حياته العقائدية:

قسم الباحثون أو الدارسون للمذهب الأشعري حياة أبي الحسن الأشعري إلى أطوار:

فالطور الأول: بدأ منذ ولادته إلى سن العاشرة، وفي هذه المرحلة تلقى علوم القرآن والحديث، وتفتحت مداركه على علوم القرآن والحديث وعلى مذهب أهل السنة والجماعة الذي كان المذهب الرسمي لوالده ولشيوخه في تلك المرحلة.

الطور الثاني: الفترة التي صاحب فيها الجبائي7، وأخذ عنه حتى صار إماماً للاعتزال، وتنتهي هذه الفترة بتحوله عن الاعتزال إلى عقائد أهل السنة والجماعة، أو بعبارة أخرى من الاعتزال إلى الاعتدال.

يقول القاضي عياض: «إن الإمام الأشعري ظل وفياً لمذاهب أهل السنة والجماعة يتعلمون على يديه أساليب الدفاع عن العقائد الدينية حتى أصبح مصطلح الأشعرية مرادفاً لمصطلح أهل السنة والجماعة، فأهل السنة من المشرق والمغرب بحججه يحتجون، وعلى منهاجه يذهبون»8.

الطور الثالث: ويبدأ بتحول الإمام الأشعري من الاعتزال إلى عقائد أهل السنة والجماعة وينتهي بوفاته سنة 324هـ.

وفي هذا الطور كرس الإمام الأشعري حياته لنصرة أهل السنة والجماعة بأدلة سمعية و عقلية ومنطقية تستند إلى ما قرره الشرع الحكيم.

وفي هذه المرحلة ألف على عقيدة السلف كتاب الإبانة عن أصول الديانة، وكتاب رسالة استحسان الخوض في علم الكلام، ورسالة كتب فيها إلى أهل الثغر بباب الأبواب9.

نجد أن معظم مؤلفات الإمام الأشعري يغلب عليها طابع الرد أو نقض بعض الآراء المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا الحكم يشمل حتى تلك التي ألفها الإمام الأشعري في السنوات الأخير من عمره، والذي رد فيها على شيوخ الاعتزال وغيرهم.

وهذا يعني أن الإمام الأشعري ظل يدافع عن عقائد أهل الحق إلى أن توفي رضي الله عنه.

المحور الثاني: تطور المذهب الأشعري

لقد ظهر المذهب الأشعري في القرن الرابع الهجري، وأخذ نجم الأشاعرة يسطع «وأضحى مذهبهم في (القرن السادس الهجري) المذهب الوحيد تقريباً والعقيدة الرسمية للدولة السنية، واستطاع ابن تومرت تلميذ الغزالي أن ينقلها إلى المغرب… ولا يزال المذهب الأشعري عقيدة أهل السنة إلى اليوم»10.

وقد مر المذهب الأشعري بمرحلتين امتازت كل مرحلة منها بمنهجية معينة، نشير إليها على النحو الآتي: طريقة المتقدمين، وطريقة المتأخرين.

أولاً: طريقة المتقدمين:

تبدأ هذه الطريقة مع الإمام الأشعري نفسه وفي هذه المرحلة حرص الإمام الأشعري على التوسط بين الطرق الكلامية، ونفي التشبيه وإثبات الصفات المعنوية والقول في القدر والاستطاعة والتحسين والتصحيح وأحوال الآخرة والكلام في الإمامة باعتبارها قضية مصلحية اجتماعية… وقد سار تلاميذه على هذه الطريقة وقد تأثر بهذه المرحلة القاضي أبوبكر الباقلاني11.

ومنهم أيضاً «أبو ذر الهروي عبد بن أحمد الأشعري، المتوفى سنة 334هـ، والذي نقل المذهب الأشعري إلى الحرم ثم أخذ عنه المالكية هذا المذهب، ومنهم كذلك الحسين بن حاتم الأزدي الذي أرسله الباقلاني إلى جامع دمشق ليلقي درساً في العقيدة، وقد رجع إلى المغرب ونشر علمه هناك، ومات بالقيروان»12.

وقد تتلمذ على يد الباقلاني تلاميذ كثر، كان لهم أكبر الأثر في نشر المذهب الأشعري، خاصة عند المغاربة وكذلك تركوا عدداً كبيراً من المؤلفات من معارف مختلفة وما يختص منها بالكلام– الذي سار فيه على طريقه أبي الحسن الأشعري– كان ذا أثر عظيم في المذهب الأشعري، بل يعتبر المؤسس الثاني لهذا المذهب.

وبلغت مؤلفات الباقلاني (555) مؤلفاً، ومن أهم كتبه الكلامية التي دعم بها المذهب الأشعري: كتاب التمهيد؛ ويسمى تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، وقد ألفه لابن عقيد الدولة وولي عهده لما طلب منه أن يعلمه مذهب أهل السنة، وقد ركز الباقلاني على الحجاج العقلي، ولذلك تضمنت الردود الطويلة على المنجمين والبراهمة واليهود والنصارى وغيرها.. مع أبواب أخرى في تفصيل مسائل الصفات والقدر وغيرها على وفق مذهب الأشاعرة13.

دور الباقلاني في تطور المذهب الأشعري:

يعتبر الباقلاني المؤسس الثاني للمذهب الأشعري14 وعلى الرغم من أن تلاميذ الأشعري كانوا أقوياء وذوي تأثير واسع إلا أن أحدا منهم لم يبلغ ما وصل إليه الباقلاني.

وعند مجيئه جرد نفسه لنصرة أبي الحسن الأشعري ومذهبه، والعمل على دعمه بأوجه جديدة من الحجج والمناظرات، وقد انتهج ذلك بعدة طرق أهمها:

1 – أن الباقلاني ربط اسمه بالأشعري فصار علماً عليه يذكر في نسبه فيقال: أبو بكر الطيب الباقلاني الأشعري، ولحماسه في الانتساب للأشعري ونصرة مذهبه عده الأشاعرة المجدد على رأس المائة الرابعة بعد الأشعري الذي يعتبرونه مجدد المائة الثالثة.

2 – حرص الباقلاني على مناقشة المبتدعة من المعتزلة وغيرهم.

3 – كان للباقلاني دور واضح في تطوير المذهب الأشعري، ويكاد يجمع جميع الباحثين على أن له دورا في ذلك ويتضح من خلال عرض عقيدة وأقوال الباقلاني، وأقوال الباحثين في ذلك أن الباقلاني قد طور المذهب الأشعري من خلال:

أ- الميل في المناقشات إلى العقل، وقلة الاعتماد على النقل، وإن كان الأمر لم يصل إلى إهماله.

ب- وضع المقدمات العقلية لمباحث العقيدة وعلم الكلام، مثل مباحث الجوهر والعرض، وأقسام العلوم، والاستدلال والكلام عن الموجودات وأنواعها.

ج- الميل إلى بعض أقوال المتكلمين وخاصة في بعض الصفات، إذ كان الأشعري أخذ يبعد عن الاعتزال في آخر كتبه، فالباقلاني أعاد المنهج الأشعري لقرب أهل الكلام.

د- العمل ببعض القواعد الكلامية، التي أصبحت فيما بعد أصول الأشاعرة مثل القول بالجوهر الفرد، وإن العرض لا يبقى لزمانين وأنه لا يقول بالعرض.

ثانياً: طريقة المتأخرين:

تبدأ هذه المرحلة مع الإمام أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن عبد الله (الجويني) إمام الحرمين، ولد سنة 419هـ وتتلمذ على يد والده أبي محمد الجويني15.

كما تتلمذ عليه مجموعة من العلماء؛ منهم أبو حامد الغزالي وأبو طاهر بن المطهر الجرجاني، اشتهر الجويني بلقب إمام الحرمين– كأحد أعلام الشافعية والأشعرية بعد تدريسه في نظامية نيسابور قرابة ثلاثين عاماً وإلى أن توفي سنة 478هـ16.

« كما أفردت له عدة تراجم عن حياته ومنهجه»17.

أهم مؤلفاته: «البرهان في أصول الفقه، مطبوع بتحقيق عبد العظيم الديب. ومن كتبه أيضاً لمع الأدلة في قواعد وعقائد أهل السنة والجماعة– مختصر جداً– طبع مع مقدمة طويلة عن حياته بتحقيق فوقيه محمود»18 .كما طبع هذا الكتاب ضمن مجلد يضم كتاب «اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع» للإمام الأشعري، بتحقيق الشيخ عبد العزيز عز الدين حواشي الكوثري، ثم بتحقيق السقا مع إبقائه على حواشي الكوثري19.

لم يكن الجويني فيلسوفاً أو متبنياً لأفكار الفلاسفة، وإنما اطلع على كتبهم واستفاد منها في تأصيل المذهب الأشعري في بحوثه الكلامية؛ لذلك جاء تفكيره– كما عبر البعض– بأن له نزعة فلسفية عميقة.

لذلك نجد أن في هذه المرحلة ميز العلماء بين مباحث الفلسفة، ومباحث المنطق، وأن المنطق قانون صناعي في الاستدلال، ومن ثم خالفوا طريقة المتقدمين في تلك المقدمات التي اعتبروها ضرورية لفهم قضايا الاعتقاد.

ومن مميزات هذه المرحلة اشتغال أئمة المذهب الأشعري بالرد على الفلاسفة، في ما خالفوا فيه عقائد الإسلام ومن أبرز علماء هذه المرحلة الإمام الغزالي (ت505هـ)، وقد عرفت هذه الطريقة توغل بعض المتأخرين في التعامل مع مباحث العقيدة حيث توغلوا في مسائل فلسفية بحته وجعلوها من صميم علم الكلام20.

يقول ابن خلدون عن هذه المرحلة: «ولقد اختلطت الطريقتان عند هؤلاء المتأخرين والتبست مسائل الكلام بمسائل الفلسفة بحيث لا يتميز أحد الفنين من الآخر، ولا يحصل عليه طالبه من كتبهم كما فعله البيضاوي في الطوالع، ومن جاء بعده من علماء العجم في جميع تآليفهم»21.

وقد عرف هذا المنهج تطوراً ملحوظاً مع الباقلاني والجويني والغزالي والرازي… وهؤلاء هم الأعلام الذي رفعوا قواعد المذهب الأشعري عالياً وتوسعوا في مجمله وشرح مغلقه.

أبو حامد الغزالي:

هو الشيخ أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي، ولد بمدينة طوس (وهي مقاطعة في خرسان شمالي إيران وتسمى الآن «مشهد») سنة 450هـ، وتوفى والده وهو صغير فكفله صديق والده بوصية من والده هو وأخوه أحمد، حيث أوصاه والدهما بالعناية بتعليمهما، وبقيا تحت رعاية هذا الرجل وكان فقيراً حتى نفذ المال الذي تركه والدهما، فطلب منهما أن يذهبا إلى إحدى دور العلم فبدأ الدراسة على الفقيه علي بن أحمد الراذكاني بطوس وكان ذلك سنة 465هـ، ثم رحل إلى جرجان حيث طلب العلم على الشيخ الإسماعيلي محمد ابن مسعدة22. فلما كان عام 473هـ اتجه أبو حامد إلى نيسابور يطلب العلم على أبي المعالي الجويني رئيس المدرسة النظامية فيها، ولما توفى الجويني سنة 478هـ رحل إلى عسكر نيسابور واتصل بنظام الملك هناك وناظر العلماء فبهرهم واعترفوا بمكانته، فولاه نظام الملك التدريس في نظامية بغداد، فقدم الغزالي بغداد سنة 484هـ وصار يدرس فيها الفقه والأصول وعلم الكلام، فتكونت له شهرة عالية وجاه عريض ومنزلة رفيعة، وفي أثناء ذلك أخذ يعيش صراعاً باطنياً بينه وبين نفسه مما أدى إلى عزوفه عما هو فيه وميله إلى العزلة والتصوف، فرحل سنة 488هـ عن بغداد وترك أخاه أحمد يتولى التدريس مكانه– وتوجه إلى الشام فنزل دمشق، ثم ذهب إلى بيت المقدس، واستمرت عزلته هناك قرابة عشر سنين، حيث رجع إلى بغداد وأقام زمناً يسيراً ثم ارتحل سنة 499هـ إلى نيسابور– بأمر من بعض سلاطينها– ليتولى الإمامة والتدريس في نظاميتها23، ثم لم يلبث زمناً قصيراً حتى رجع إلى بلده طوس، حيث بنى بجوار بيته مدرسة «وخانقاه»24 للصوفية، وأقبل على علوم الآخرة حتى توفي سنة 505هـ . من أشهر مؤلفات الغزالي الأشعرية:

  • الأربعين في أصول الدين، وهذا الكتاب هو الجزء الثاني من كتابه الآخر «جواهر القرآن».
  • قواعد العقائد، وكتابه العقيدة القدسية جزء منه، وقد ضم الغزالي قواعد العقائد إلى كتابه الآخر «إحياء علوم الدين»، وهو ضمن المجلد الأول منه.
  • الاقتصاد في الاعتقاد.
  • تهافت الفلاسفة، نقد فيه أقوال الفلاسفة من منطلق أشعري.

وغيرها من المؤلفات الأخرى.

منهج الغزالي ودوره في تطوير المذهب الأشعري:

«هذا الموضوع كتبت فيه دراسات وبحوث عديدة تشعبت بأصحابها المناهج والنتائج»25:

أولاً: يعتبر الغزالي أحد أعلام الأشاعرة والذين دافعوا عن المذهب الأشعري ضد مناوئيه من مختلف الطوائف، ولذلك أسمى أشهر كتبه الأشعرية بالاقتصاد في الاعتقاد ليكون مقصداً ووسطاً كما يقول بين الحشوية من جهة والمعتزلة والفلاسفة من جهة أخرى26.

ثانياً: هناك مشكلة تتعلق بحقيقة مذهب الغزالي، هل هو المذهب الأشعري الذي تبناه ظاهراً ودافع عنه كثيراً27، أم له مذهب آخر يذكره لخاصته.

ثالثاً: الشك عند الغزالي: قد احتلت هذه المسألة مكاناً بارزاً لدارسي الغزالي، بل وكثرت المقارنة بينه وبين ديكارت28. صاحب الفلسفة المعروفة التي قال فيها: «أنا أفكر، إذن أنا موجود»29. والشك عند الغزالي عملي ومنهجي:

  • العملي هو ما عايشه وسطره بوضوح في كتابه المنقذ من الضلال30. ويلاحظ هنا أن الغزالي يشرح ما جرى له ولذلك سماه داءً ومرضاً.
  • والشك المنهجي هو الذي أشار إليه في بعض كتبه، ومن ذلك قوله: «ولو لم يكن في مجاري هذه الكلمات، إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث، لتندب للطلب، فناهيك به نفعاً، إذ الشكوك هي الموصلة إلى الحق، فمن لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال نعوذ بالله من ذلك»31.

رابعاً: تصوف الغزالي وفلسفته:

بقدر اشتهار الغزالي بأشعريته، اشتهر بتصوفه، ولذلك فهو يمثل مرحلة هامة من مراحل امتزاج التصوف بالمذهب الأشعري حتى كاد أن يكون جزءاً منه.

ومن أهم سمات منهج الغزالي أنه حول المعركة– التي كانت تدور فيما سبق بين الأشاعرة والمعتزلة– إلى معركة بين الأشاعرة والفلاسفة، وكتاب تهافت الفلاسفة يعتبره الأشاعرة بدءاً من الغزالي نفسه أحد الكتب المؤيدة لمذهبهم، وقد ألفه الغزالي في المرحلة التي كان فيها أستاذ المدرسة النظامية– الأشعرية– دون منازع32.

ولا يقتصر الغزالي على مجابهة الفلسفة ومهاجمة الفلاسفة بالدليل، بل قد يبلغ إلى التهكم والنقد اللاذع، ولا شك أن لهما تأثيراً كبيراً في مجتمع قد كان يؤخذ بسحر الفلسفة، وقد أصيب كثير من أفراده بمركب النقص وخضع للفلسفة خضوعاً كاملاً، فجاء تهكم الغزالي ونقده اللاذع علاجاً لهذه النفوس المريضة.

فخر الدين الرازي:

هو محمد بن عمر بن الحسن بن علي، فخر الدين أبو عبد الله، القرشي البكري– الطبرستاني الرازي33، ولد سنة 544هـ، وتتلمذ على يد والده ضياء الدين المعروف بخطيب الري وأخذ منه الفقه وعلم الكلام.

وحياة الرازي برز فيها جانبان:

الأول: رحلاته المتكررة إلى كل من خوارزم وطوس، وبلاد ما وراء النهر، وهراة التي استقر ومات بها وقد جرت له في رحلاته مناظرات عديدة مع المعتزلة والكرامية وغيرهم، وكثيراً ما تشد الخصومة بينه وبين معارضيه فيضطر إلى مغادرة المكان الذي فيه.

الثاني: اتصاله بالملوك والسلاطين، وتأليفه أغلب كتبه لهم، وقد استفاد من صلته بهم– خاصة خوارزم شاه وولده محمد–مالاً وجاهاً وعرضاً، وقد توفي سنة 606هـ.

أهم مؤلفاته:

أما مؤلفاته فكثيرة جداً، شملت فنون التفسير، والفقه وأصوله، وعلم الكلام والفلسفة، والبلاغة، وغيرها.

من أهم كتبه المطبوعة:

التفسير– المحصول في أصول الفقه– المباحث المشرقية أساس التقديس– معالم أصول الدين– عصمة الأنبياء– نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز– مناقب الإمام الشافعي-وغيرها.

أما المخطوطات فمنها:

المطالب العالية، طبع منه جزء يتعلق بالنبوات ولم يتمه وهو من أواخر كتبه– شرح عيون الحكمة لابن سينا– نهاية العقول- وغيرها كثر.

منهج الرازي وأثره في تطوير المذهب الأشعري:

يمثل الرازي مرحلة هامة في مسيرة المذهب الأشعري34، فقد ترك مؤلفات عديدة دافع فيها عنه بكل ما يملكه من أدلة، فوافق أصحابها حيناً وخالفهم حيناً آخر. وقد انتهى في آخر عمره إلى أن الحق في الرجوع إلى مذهب أهل الحديث وهو الاستدلال بالكتاب والسنة. ومن الذين دافعوا عن الرازي وفلسفته ابن خَلكان الذي قال عنه بعد تعداده لمؤلفاته: «وكل كتبه ممتعة، وانتشرت تصانيفه في البلاد، ورزق فيها سعادة عظيمة، فإن الناس اشتغلوا بها ورفضوا كتب المتقدمين، وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه، وأتى فيه بما لم يسبق إليه35.

وقد رأى بعض الأشاعرة فيه علماً من أعلامهم المنافحين عن مذهبهم ضد مخالفتهم من مختلف الطوائف.

وقد كان الرازي وهو يؤلف في الفلسفة قاصداً للرد على أصحابها من منطلق مذهبه الأشعري، وكان الرازي في منهجه يقسم الناس إلى خواص وعوام مثل الغزالي. «وقد كان الرازي يوافق الفلاسفة ويحسن الظن بعلومهم ويعتقد أنها لا تخالف علم الكلام36.

ومما يدل على أهمية منهجه ومذهبه وأنه متكلم متفلسف خلط هذا بهذا وقد اقتدى كثير ممن أتى بعده.

وأشعرية الرازي لا يتطرق إليها أي شك فله مؤلفات اصطبغت فيما بعد عمدة يعتمد عليها الأشاعرة وذلك مثل كتابه «أساس التقديس» الذي يعتبر من أقوى كتبه الأشعرية وأهمهما.

وله وصية مشهورة قال فيها: و «لقد اخترت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن»، ثم قال: ديني متابعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم– وكتابي القرآن العظيم، وتعويلي في طلب الدين عليهما»37.

أثره فيمن جاء بعده:

يمكن أن يلاحظ ذلك فيما يلي:

1 – أن من جاء بعده من الأشاعرة اعتمد– في تقرير أصول المذهب الأشعري– على ما كتبه الرازي، لأنه استقصى ما يمكن أن يقال مما جاء له المتقدمون من الأشاعرة وزاد على ذلك، ومن ثم أصبحت كتبه مصادر ميسرة ومستوعبة لأدلة الأشاعرة في تقرير مذهبهم والرد على خصومهم.

2 – كان للرازي اجتهادات في المذهب الأشعري، وصلت إلى حد القرب من المعتزلة أحياناً، والرد على أدلة الأشاعرة وتضعيفها أحياناً أخرى، مع النقد لأعلام الأشاعرة في مناسبات مختلفة، مثل نقده للغزالي والبغدادي والشهرستاني، وقد جاء نقده لهؤلاء في مناظراته في بلاد ما وراء النهر38.

المحور الثالث: رسوخ المذهب الأشعري في إفريقيا:

انتشر مذهب أبي الحسن الأشعري في العراق نحو سنة 380هـ ثمانين وثلاثمائة، وانتقل منه إلى الشام، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر كان هو وقاضيه صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس على هذا المذهب، ونشأ عليه منذ كان في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمد زنكى بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، وصار يحفظها صغار أولاده فلذلك عقدوا الخناصر وشدوا البنان على المذهب الأشعري وحملوا في أيام دولتهم كافة الناس على التزامه فتمادى الحال على ذلك في فترة الخلفاء من بني أيوب ثم في أيام مواليهم من الملوك من الأتراك، واتفق مع ذلك توجه أبي عبد الله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق وأخذ عن أبي حامد الغزالي مذهب الأشعري، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامّتهم، ثم مات فخلفه بعد موته عبد المؤمن بن عليّ القيسيّ، وتلقب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدّة سنين، وتسموا بالموحدين، فلذلك صارت دولة الموحدين ببلاد المغرب…. فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعريّ وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نسي غيره من المذاهب، وجهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه، إلّا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف، لا يرون تأويل ما ورد من الصفات»39.

لا شك أن مذهب الأشاعرة انتشر في أنحاء العالم الإسلامي وإفريقيا حتى كاد يستقر في بعض الأزمنة أن مذهبهم هو مذهب أهل السنة والجماعة، كان علماء المشرق حريصين على أن تصل آرائهم ومذاهبهم إلى مختلف ربوع العالم الإسلامي، وكانت بوابة الغرب الإسلامي ومصير الآراء والمذاهب تونس أو إفريقيا بتعبير القدماء وخاصة حاضرة القيروان.

ومن أوائل الذين نشروا الأشعرية بالقيروان أبو إسحق إبراهيم بن عبد الله الزبيدي المعروف بـ (القلانسى) ت359هـ40. وقد كان ابن أبي زيد القيرواني على صلة علمية بأبي عبد الله بن مجاهد البصري (ت370هـ) أحد تلامذة الإمام أبي الحسن الأشعري. حتى إن بعض المصادر جزمت بتحويل ابن أبي زيد إلى المذهب الأشعري بعد كتابته لرسالته الشهيرة التي جاءت مقدمتها العقدية على مذهب السلف في تفويض معاني الصفات الإلهية وتجنب التشبيه والتأويل معاً. وكان لتلاميذ الإمام أبي بكر الباقلاني دور بالغ في نشر الأشعرية بتونس، ومنهم أبو الحسن القابسي (ت403هـ)، وأبو عمران الفاسي (ت430هـ) الذي استقر بالقيروان بعد عودته من المشرق41.

أما في المغرب الأقصى فقد احتاج انتشار الأشعرية إلى مدة أطول نسبياً لأسباب كثيرة منها:

  • أن الغرب لم يعرف المذاهب العقدية غير السنية كالاعتزال والتشيع إلا في حدود ضيقة وفي مناطق محصورة؛ وذلك لم تكن هنالك الحاجة عند العلماء إلى تبني العقيدة في بيئة يقل فيها الخلاف العقدي، وكان يكفيهم موقف كبار العلماء من سلف الأمة.

ومن أبرز العلماء الذين نشروا الأشعرية في المغرب أبوبكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني (ت489هـ)، وتلميذه أبو الحجاج يوسف بن موسى الضرير (ت520هـ) شيخ القاضي عياض وصاحب أرجوزة وافية في العقيدة، ومنهم أبو عبد الله محمد بن خلف (537هـ) صاحب الأصول إلى معرفة الله والرسول.

وظلت الأشعرية في عهد المرابطين حبيسة الأوساط العلمية؛ لأنهم كانوا شديدي التعصب مما يمكن أن تزعزع الوحدة الدينية والمذهبية للمجتمع، وكانت نزعة المحافظة عند طائفة من العلماء المقربين من أمراء المرابطين، وحرص طائفة أخرى على إرضائهم من أسباب هذا الوضع ومع الموحدين الذين وظفوا قضايا العقيدة في نزع المشروعية من المرابطين واتهموهم بالتشبيه والتجسيم42.

عرفت الأشعرية بالمغرب مرحلة مد عام وكاسح لتكامل الأدوار ما بين سلطة العلماء والسلطة السياسية، بالإضافة إلى ما لقيته مرشدة ابن تومرت وكتاباته في الاعتقاد من احتفاء اتجه العلماء إلى دراسة وتدريس المصادر الحقيقية للمذهب الأشعري ككتاب «الإرشاد لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني».

ومن أبرز علماء هذه الفترة أبو عمر عثمان بن عبد الله السلالجي (ت574هـ) الذي نبغ في علم العقيدة، وكثر تلامذته الذين أخذوا عنه العقيدة الأشعرية حتى لقب بـ «منقذ أهل فاس من التجسيم»، وقد عرفت رسالته المختصرة «العقيدة البرهانية» انتشاراً واسعاً في المغرب، وأقبل عليها العلماء يشرحونها ويدرّسونها، وإذا كانت العقيدة الأشعرية قد التحمت بالتدرج بالفقه المالكي منذ العصر الموحدي؛ فإن معظم أهل التصوف أيضاً كانوا يميلون إلى المذهب الأشعري، وهذا الالتحام بين المكونات الثلاثة للتدين في المغرب والذي لخصها الفقيه عبد الواحد بن عاشر صاحب «المرشد المعين على الضروري من علوم الدين» قائلاً:

في عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك43.

وبقيت «البرهانية» و «مرشدة» ابن تومرت مهيمنتين على مجالس العلم بالمغرب إلى أن ألف العلامة محمد بن يوسف السنوسي (ت 895هـ) ضمن ما ألف في العقيدة رسالته «أم البراهين» أو «العقيدة الصغرى». فكتب لها الانتشار لصغر حجمها، وبعدها عن التعقيد. ظلت «أم البراهين» وشروح العلماء عليها مرجعا في علم العقيدة بالمغرب في حلقات الدرس إلى عهد قريب. ولم يكن يزاحمها على هذه المكانة إلا بعض المنظومات العقدية باللغة الأمازيغية التي كان بعض الفقهاء يؤلفونها لتكون مرجعا لطلبة منطقة سوس في بعض الزوايا.

وقد أسهمت الأشعرية رفقة المذهب المالكي والتصوف السني في خلق انسجام مذهبي وعقدي في المغرب جنبه كثيرا من القلاقل والفتن التي كانت تقع في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي بسبب الخلافات العقدية. وبرغم بروز اتجاهات عقدية غير أشعرية عند بعض علماء المغرب بعد القرن السادس الهجري؛ فإن التعبير عن الخلاف كان محصورا في السجال العلمي ولم تتحول الأشعرية إلى موضوع نقاش وأخذ ورد في المجتمع المغربي بل في الغرب الإسلامي عموما إلا بعد أن تعرضت لهجوم ممنهج في العقود الأخيرة44

أسباب انتشار المذهب الأشعري:45

أهم أسباب انتشار مذهب الأشاعرة في العالم الإسلامي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1 – أفول نجم المعتزلة مع ظهور المذهب الأشعري كخصم لهم.

2 – نشأة المذهب في حاضرة الخلافة العباسية بغداد، ولا شك أن أنظار الناس في شتى الأقطار تتجه في الغالب إلى دار الخلافة، ففيها الفقهاء، والمحدثون، والمقرئون، كما أنها من أهم البلدان التي يرحل إليها العلماء ليسمعوا الروايات أو يحدثوا فيها بمروياتهم، فلما نشأ المذهب الأشعري في بغداد وهي على هذه الحالة كثر المتلقون لهذا المذهب، الناقلون له إلى كل مكان– وهذا مثلاً بخلاف مذهب الماتريدي الذي نشأ في زمن الأشعري ولكنه كان في بلاد ما وراء النهر فلم ينتشر كانتشار المذهب الأشعري.

3 – تبني بعض الأمراء والوزراء لمذهب الأشاعرة واحتضان رجالهم له.

4 – جمهرة عدد كبير من العلماء اعتمدوه ونصروه، وخاصة فقهاء الشافعية، والمالكية المتأخرين الذين ذكرناهم سابقاً مثل الباقلاني– الجويني والبيهقي والغزالي والرازي والآمدي وغيرهم كثر. ولم يكن هؤلاء أشاعرة فقط، بل كانوا مؤلفين ودعاة إلى هذا المذهب ولذلك ألفوا الكتب العديدة وتخرج على أيديهم عدد كثير من التلاميذ كان لهم الأثر في رسوخ المذهب الأشعري في إفريقيا.

5 – تبني كثير من دور العلم والجامعات عقيدة ومذهب الأشاعرة كان له دور في نشره، ومن أهمها الجامع الأزهر في مصر مع هالة من مكانه علمية في العالم الإسلامي.

هذه هي أهم أسباب انتشار المذهب الأشعري، وهي تدل على مدى تغلغل هذا المذهب ورسوخه في العالم الإسلامي، وإن كانت الجمهرة الغالبة للمسلمين تؤمن بهذا الدين وعقيدته بإجمال؛ لأنها لا تعرف المداخل الكلامية والقضايا العقلية التي يعتمدها أهل الكلام46.

الخاتمة:

في ختام هذا البحث أخلص إلى النتائج والتوصيات التالية:

أولاً: النتائج

1 – تحول الإمام أبي الحسن الأشعري إلى مذهب أهل السنة والجماعة أسهم في استيعاب الآراء الرائجة في عصره، بل كان ثمرة تطور مذهب أهل السنة والجماعة.

2 – كان الإمام الأشعري امتدادا لطائفة أعلام أهل السنة الذين خلفوا الأئمة الأوائل كأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل في تصديهم للانحرافات العقدية، ولكن بأسلوب يناسب التحديات الجديدة.

3 – الأشاعرة جميعاً يحترمون التصوف ويعتبرونه المصدر الرئيسي للعقيدة.

4 – لم يخض المذهب الأشعري في نقاش بل ترك التعبير عن الخلاف محصوراً في السجال العلمي فقط.

5 – المذهب الأشعري خلق انسجاما مذهبيا وعقديا في المغرب جنبه كثيرا من القلاقل والفتن التي كانت تقع في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي بسبب الخلافات العقدية.

6 – مذهب أهل السنة والجماعة إنما هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان ومن ثم فعلى كل عالم أن لا يجعل الانتساب إلى طائفة أو جماعة– غير أهل السنة– شعاراً له يفاصل عليه ويوالي عليه.

7 – للأمراء والوزراء وجمهرة العلماء أثر في انتشار المذهب الأشعري.

ثانياً: التوصيات

1 – نشر المذهب الأشعري بكافة الوسائل؛ لأنه يمثل مذهب أهل السنة والجماعة.

2 – المحافظة على جهود العلماء الأشاعرة بالتشجيع عن الكتابة عنهم وإثراء المكتبات بمؤلفاتهم، وخاصة في إفريقيا.

3 – إنشاء المدارس والمعاهد في الدول الإفريقية للمساعدة في نشر العقيدة الأشعرية.

4 – الاهتمام بماضي الأمة وأفكار علمائها لتقوية الوحدة الدينية والفكرية بين المسلمين.

1- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، المعروف بالخطط المقريزية– تقي الدين بن أبي العباس بن أحمد بن علي المقريزي– مكتبة الثقافة الدينية– القاهرة– الطبعة الثانية 1987م– طبعة بولاق- ج2 ص 358.

2- تبيين كذب المفتري فيما ينسب للإمام الأشعري–لابن عساكر الدمشقي– ص 35.

3- المرجع السابق، ص 146 – 147.

4- سير أعلام النبلاء– الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ- دار الفكر- بيروت– ج15 ص87.

5- يتهم السبكي الذهبي بأنه يعلي من شأن الحنابلة ويحط من شأن الأشاعرة، ولكن نقول أن السبكي وقع في تراجم الأشاعرة في طبقاته في تصنيف الشيء الذي اتهم به الذهبي.

6- طبقات السبكي– تاج الدين عبد الوهاب بن تقى الدين السبكي المتوفى سنة 771هـ- المحقق محمد بن محمد الطناني– هجر للطباعة والنشر– ج3 ص247.

7- الجبائي هو أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حران بن أبان موسى عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولد سنة 234هـ- أو 235هـ ودرس الاعتزال على يد شيخ المعتزلة أبي يعقوب بن يوسف بن عبد الله بن شمام الذي انتهت عليه رئاسة المعتزلة، وتوفي الشمام سنة 267هـ، وتبوأ مكانه في رئاسة المعتزلة تلميذه أبو علي الجبائي.

8- ترتيب المدارك وتقريب المسالك– القاضي عياض بن موسى عياض– تحقيق محمد بن شريفة– طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية-ج5 ص25.

9- مذاهب الإسلام– الدكتور عبد الرحمن بن بدوي- ص515- طبعة دار العلم للملايين– بيروت– الطبعة الأولى- 1971م.

10- في الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيق– د. إبراهيم مدكور– ج1 ص47.

11- الباقلاني هو: الإمام القاضي أبوبكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم البصري، ثم البغدادي– لم يدون تاريخ ولادته، توفي سنة 403ه.ـ

12- موقف ابن تيمية من الأشاعرة – عبد الرحمن بن صالح بن صالح محمود– مكتبة الرشد الرياض– الطبعة الأولى– 1415هـ- 1995م– ج3 ص527.

13- موقف ابن تيمية من الأشاعرة– عبد الرحمن بن صالح– مرجع سابق- ص 530.

14- في الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيق- د. علي إبراهيم مدكور-مرجع سابق– ج2 ص47.

15- سير أعلام النبلاء– مرجع سابق– ص 468.

16- انظر طبقات السبكي– مرجع سابق– ج5 ص 165.

17-منها: الجويني إمام الحرمين– فوقيه حسن محمود- سلسلة أعلام العرب؛ إمام الحرمين وحياته وعصره– عبد العظيم الديب؛ الإمام الجويني- محمد الزحيلي؛ وغيرها.

18- موقف ابن تيمية من الأشاعرة– عبد الرحمن بن صالح– مرجع سابق– ج 2 ص601.

19- المرجع السابق.

20- تاريخ العقيدة الأشعرية في المغرب وإفريقيا- د. عبد القادر بطار– ورقة بحثية – ص30.

21- مقدمة ابن خلدون–عبد الرحمن بن خلدون– مرجع سابق– ج3 ص977.

22- توفى سنة 477هـ- انظر شذرات الذهب في أخبار من ذهب- (ت) عبد القادر الأرناؤوط ومحمود الارناؤوط– دار ابن كثير للنشر– 1406هـ/1986م– الطبعة الأولى– ج3 ص 354.

23- انظر المنقذ من الضلال– أبي حامد الغزالي– تحقيق د.جميل صليبيا والدكتور كامل عباد– الطبعة الخامسة– ص77 وما بعدها.

24- الخانقاه: هو المكان الذي ينقطع فيه المتصوف للعبادة.

25- منها على سبيل المثال: الأخلاق عند الغزالي– تركي مبارك؛ والحقيقة في نظر الغزالي– سليمان دين؛ والفيلسوف الغزالي، إعادة تقويم لمنحني تطويره الروحي- عبد الرحيم الأعسر؛ والغزالي- البارون كارادوفو- ترجمة عادل زعيتر؛ ومنهج البحث عن المعرفة عند الغزالي– دكتور سعيد باسكيلوالمزروقي؛ وهناك دراسة مهمة عن الغزالي لخصام الألوسي نشر فصلاً منها في كتابه دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامية، وعنوانه: الغزالي مشكلة وحل؛ وغيرها كثير جداً.

26- انظر الاقتصاد في الاعتقاد– أبو حامد الغزالي– وضع حواشيه عبد الله محمد الخليلي– دار الكتب العلمية- بيروت– الطبعة الأولى– 1404ه/2004م– ص3.

27- جواهر القرآن– أبو حامد الغزالي– طبعة يافن سنة 1311هـ- ص 21.

28- اسمه رينه ديكارت– فليسوف فرنسي ولد سنة 1596م، يعرف بأنه أبو الفلسفة الحديثة.

29- انظر المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت– محمود حمدي زقزوق– دار العلم– مكتبة الأنجلو المصرية– 1973م– الطبعة الثالثة– ص(17– 25).

30- المرجع نفسه- ص (81 – 87).

31- ميزان العمل– أبو حامد الغزالي– حققه الدكتور سليمان دنيا– دار المعارف- مصر– ص153.

32- موقف ابن تيمية من الأشاعرة– عبد الرحمن بن محمد– مرجع سابق– ج2 ص630.

33- الرازي: نسبة إلى الري على غير قياس، انظر الروض المعطار في خير الأقطار– أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري المتوفى (900هـ)-إحسان عباس ، مؤسسة ناصر للثقافة– بيروت- مطابع دار السراج– الطبعة الثانية– 1980م– ص 279.

34- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان– أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان–(تحقيق إحسان عباس)–دار صادر- بيروت- 1972م– ج4 ص 252.

35- وفيات الأعيان– أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان– مرجع سابق– ج 4 ص249.

36- مصادر فلسفة الرازي– مذهب الدرة عند المسلمين أبو ريده محمد بن عبد الهادي– القاهرة– مكتبة النهضة– ص 80 – 81.

37- انظر تاريخ الإسلام للذهبي- المحقق عمر عبد السلام تدمري– دار الكتاب العربي– الطبعة الثانية- 1410ه/1990م– ج18 ص242 – 243.

38- انظر مناظرات فخر الدين الرازي في بلاد ما وراء النهر– تحقيق دكتور فتح الله خليفة– مكتبة دار التراث الإسلامي– دار المشرق– بيروت– ص35 – 39 – 45.

39- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، المعروف بالخطط المقريزية– تقي الدين بن عباس أبي العباس بن أحمد بن علي المقريزي– مكتبة الثقافة الدينية– القاهرة– الطبعة الثانية- 1987م- ج2 ص358.

40- أو 361هـ.

41- من موقع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، المملكة المغربية– صفحة العقيدة الأشعرية.

42- المرجع السابق.

43- المرجع السابق.

44- المرجع نفسه.

45- موسوعة الدرر السنية– أشراف– علوي بن عبد القادر السقاف– موسوعة الفرع– الباب الثالث– فرقة الأشاعرة– المبحث الخامس– أسباب انتشار المذهب الأشعري.

46- انظر موسوعة الدرر السنية – أشراف– علوي بن عبد القادر السقاف– موسوعة الفرع– الباب الثالث– فرقة الأشاعرة– المبحث الخامس– أسباب انتشار المذهب الأشعري.

المراجع:

  • الاقتصاد في الاعتقاد– أبو حامد الغزالي– دار الكتب العلمية– بيروت– الطبعة الأولى-1424هـ/2004م.
  • تاريخ الإسلام- للذهبي– المحقق عمر عبد السلام تدمري– دار الكتاب العربي.
  • تاريخ العقيدة الأشعرية في المغرب وإفريقيا– د. عبد القادر بطار- ورقة بحثية.
  • ترتيب المدارك وتقريب المسالك– القاضي عياض بن موسى عياض– تحقيق محمد بن شريفه– طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية– المملكة المغربية– ج5.
  • تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية– د. مصطفى عبد الرازق.
  • جواهر القرآن– أبو حامد الغزالي– طبعة يات– 1311هـ.
  • الخطط للمقريزي– ج2– طبعة بولاق.
  • الروض المعطاء في خبر الأقطار– أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري– إحسان عباس– مؤسسة ناصر للثقافة– بيروت– مطابع دار السراج– الطبعة الثانية– 1980م.
  • سير أعلام النبلاء– شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي– دار الفكر- بيروت– ج15.
  • شذرات الذهب في أخبار من ذهب– ابن العماد- عبد القادر الأرناؤوط– دار ابن كثير للنشر– 1406هـ/1986م.
  • طبقات السبكي- تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي– تحقيق محمد بن محمد الطناني- هجر للطباعة والنشر– ج3- الطبعة الثانية- 1413هـ .
  • الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيق– د. إبراهيم مدكور– ج1.
  • مذاهب الإسلاميين– الدكتور عبد الرحمن بن مدور– طبعة دار العلم للملايين– بيروت– الطبعة الأولى- 1971م.
  • مصادر فلسفية للرازي، مذهب الذرة عن المسلمين– أبو ريدة محمد بن عبد الرحمن– القاهرة– مكتبة النهضة.
  • مقدمة ابن خلدون– عبد الرحمن بن خلدون.
  • مناظرات فخر الدين الرازي في بلاد ما وراء النهر– تحقيق د. فتح الله خليفة– مكتبة التراث الإسلامي– دار المشرق– بيروت.
  • المنقذ من الضلال– أبو حامد الغزالي– تحقيق جميل صليبيا والدكتور كامل عباد– الطبعة الخامسة.
  • المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت– محمود حمد بن زخزوق– دار العلم– مكتبة الأنجلو المصرية– الطبعة الثالثة– 1973م.
  • موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية.
  • موقف بن تيمية من الأشاعرة– عبد الرحمن بن صالح بن صالح محمود– مكتبة الرشد الرياض– الطبعة الأولى- 1415هـ/1995م- ج3.
  • ميزان الاعتدال– للذهبي– تحقيق علي محمد البجاوي– دار المعرفة للطباعة والنشر- بيروت- لبنان– الطبعة الأولى– 1382هـ/1963م– ج3.
  • ميزان العمل– أبو حامد الغزالي– حققه الدكتور سليمان دينا– دار المعارف– مصر.
  • وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان – أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان– تحقيق إحسان عباس– دار صادر- بيروت- 1972م– ج4.

ذة. رجاء محمد صالح أحمد
(كلية الدعوة الإسلامية- جامعة أم درمان الإسلامية- السود
ان)

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى