جهود السلاطين العلويين فـي توفير الكتب وتحبيسها على المؤسسات العلمية والدينية
عرفت الحياة الفكرية على عهد السلاطين العلويين الأوائل نشاطاً متميزاً في مختلف العلوم والفنون، وذلك لانتشار عدد مهم من الزوايا والمدارس والمساجد الشهيرة في العديد من المدن والقرى المغربية، والتي اضطلعت بوظيفة نشر المعرفة وتعميمها بين الناس، دون أن يعزب عن بالنا الجهود المعتبرة التي بذلها هؤلاء السلاطين في سبيل تشجيع الحركة العلمية وازدهارها، وذلك بشحذ عزائم الفقهاء والعلماء للاجتهاد الدؤوب في بث العلم ونشره، وتوفير الظروف المساعدة على النشاط العلمي، وإدخال إصلاحات على المناهج التعليمية المتبعة، ووقف الكتب وتحبيسها على المؤسسات الدينية والعلمية.
سوف لن نتناول في هذا البحث مختلف تجليات دعم العلويين الأوائل للحركة الفكرية في عصرهم، فهذا موضوع فسيح ينبغي أن تُفرد له مؤلَّفات خاصة، وإنما سنقتصر فيه على إبراز جانب مهم من هذا الدعم الفكري، ويتصل الأمر بجهودهم الحثيثة في توفير الكتب وتحبيسها على المدارس والمساجد والزوايا وخزانات الكتب بالمدن المغربية، والتي أسهمت بنصيب وافر في تأجيج جذوة الثقافة والفكر خلال العصر العلوي الحديث.